علِقت البعثة المختلطة في إقليم دارفور «يوناميد» بين تضارب المصالح الدولية، حيث انقسمت الدول بين معسكرين، ورُبطت مسألة تمديد مهامها باتهامات المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس عمر البشير
نيويورك ــ نزار عبود
اصطدم تمديد مهمة بعثة السلام الأفريقية الأممية المختلطة «يوناميد» في إقليم دارفور بالنزاعات الدولية داخل مجلس الأمن الدولي في اليومين الماضيين.
وقدّمت بريطانيا مشروع قرار يبحث في التمديد، إضافة إلى تسليم الخرطوم لوزير الشؤون الإنسانية أحمد هارون، وقائد ميليشيا الجنجويد علي كشيب المتهمين بجرائم حرب إلى المحكمة الجنائية الدولية ومسألة توجيه المدّعي العام لمحكمة الجنايات الدولية لويس مورينو أوكامبو توصية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير على خلفية تهم جرائم حرب.
وتحركت ليبيا باتجاه الفصل بين مسألة التمديد والاتهامات. تحرّك أتى بناءً على مبادرة كل من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز، مشفوعاً أيضاً بدعم من روسيا والصين وعدد كبير من أعضاء مجلس الأمن. وطالبت ليبيا بإرجاء النظر في قضية البشير لمدة عام كامل بموجب المادة الـ16 من نظام محكمة الجنايات الذي يمنح المجلس وحده حق إيقاف عمل المحكمة.
من جهته، أكّد مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم محمد، في حديث لـ«الأخبار»، أنّ «مجلس الأمن يناقض ميثاق الأمم المتحدة بفرضه مشيئته على محكمة الجنايات وعلى دولة عضو في الأمم المتحدة غير منتمية إلى المحكمة». وشدّد على أنّ «السودان لن يفرِّط بسيادته تحت أية ظروف»، مضيفاً أن «الإصرار الغربي يرمي إلى التأثير على الناخب السوداني وتقويض الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مدينة أبييه، ويستبق التفاهمات التي تجري على مستوى المصالحة الشاملة في دارفور».
أما جنوب أفريقيا، فقد وجدت نفسها في وضع حرج. فهي تودّ دعم العدالة الدولية المطلقة من جهة، لكنّها تدرك أبعاد القضية على المستوى السياسي من جهة ثانية. وفي هذا الخصوص، يقول مندوبها لدى الأمم المتحدة، دوميساني كومالو: «المطلوب منح السلام في دارفور فرصة بالتجديد ليوناميد»، معرباً عن قلقه على السلام، وموضحاً: «طلبنا من بريطانيا إدراج طلبنا في مشروع القرار، لكنهم تجاهلوه. إننا نريد تقوية القرار لا تقويضه».
في المقابل، تمسكت فرنسا وبريطانيا، الدولتان العضوان في المحكمة، بتحريض من الولايات المتحدة، بتسليم المسؤولين السودانيين للمحكمة، وهو ما يرى خبراء أنه سيكون أول إسفين يُدقّ لإسقاط النظام السوداني، إذ إن من المرجّح أن المسؤولين سيقولان إنّهما كانا يتلقيان التعليمات من السلطات العليا.
وبعد مشاورات مغلقة دامت ساعات، بلغ مجلس الأمن طريقاً مسدوداً، ما قد يضطره إلى التمديد التلقائي لقوات «يوناميد» من دون التطرّق إلى القضايا الإشكالية الأخرى، على أن تناقش طلبات الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وغيرها من المنظمات الإقليمية في جلسات لاحقة. وتنتهي ولاية البعثة غداً الخميس.
إلى ذلك، أصدرت محكمة سودانية أحكاماً بالإعدام على 8 متمرّدين ينتمون إلى حركة «العدالة والمساواة»، بموجب قانون مكافحة الإرهاب السوداني، على خلفية الهجوم الذي شنّه المتمرّدون على العاصمة في أيار الماضي.