strong>بدأت «فضائح» الاتفاقية الأميركيّة ــ العراقيّة تطفو على سطح التطورات العراقيّة، مع ما كشفته صحيفة «إندبندنت»، ومفاده أنّ هذه الاتفاقيّة يمكن تسميتها «اتفاقيّة قضم السيادة العراقيّة». تسريبٌ تزامن مع «خرق» سياسي هامّ على صعيد العلاقات العربيّة ــ العراقيّة عبّرت عنه زيارة وزير خارجيّة الإمارات إلى بغداد
كشفت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أمس عن خطة سرية يجري التفاوض بشأنها في بغداد لإبقاء العراق تحت الاحتلال العسكري لفترة غير محدَّدة.
وقالت الصحيفة إنّ المعاهدة ستنصّ على احتفاظ قوات الاحتلال الأميركي بـ50 قاعدة عسكرية في بلاد الرافدين. قوّات ستُمنَح حقّ السيطرة الدائمة على قواعدها والسيطرة على المجال الجوّي العراقي، والقيام بحملات عسكرية واعتقال العراقيّين من دون استشارة حكومة بغداد، وتمنح جميع جنود الجيش الأميركي ومقاوليه، حصانة كاملة تعفيه من محاسبة القضاء العراقي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه رغم الانتقادات العراقية والعربية والإيرانية للاتفاقية المعروفة باسم «التحالف الاستراتيجي»، فإنّ الرئيس الأميركي جورج بوش ونائبه ديك تشيني، عازمان على إرغام حكومة نوري المالكي على توقيعها من دون أي تعديلات قبل نهاية شهر تموز المقبل. وتابعت أنّ المالكي «يعارض شخصياً شروط الاتفاقية الجديدة، لكنه يشعر بأن حكومته الائتلافية ستنهار من دون الدعم الأميركي».
وشكّكت الصحيفة بصدقيّة عدد من الوزراء العراقيّين الذين يطلقون مواقف معارضة لتوقيع أي اتفاقيّة تحدّ من سيادة بلادهم. ورأت أنّ المراقبين يشتبهون بأنّ هؤلاء سيوقّعون على المعاهدة في نهاية الأمر، وأنهم أرادوا فقد تقديم عرض ممانعة يظهرهم على أنهم حرصاء على استقلال العراق.
وأشارت الـ«إندبندنت» إلى أنّ واشنطن تعارض أيضاً طرح الاتفاق على الاستفتاء العام على العراقيين، خشية أن يصوّت هؤلاء ضدّها، فيما تحبّذ حكومة بغداد تأخير التوقيع الرسمي عليها.
وواصلت الصحيفة عرضها للخطوط العريضة للاتفاقيّة، ورأت أنّ «الشخص العراقي الوحيد الذي يملك سلطة إيقاف الاتفاقية هو المرجع الروحي لغالبية الشيعة (في العراق)، علي السيستاني، الذي أجبر الأميركيين في عام 2005 على إجراء استفتاء على الدستور المؤقت والانتخابات البرلمانية». لكنها أضافت أنّه «يُعتقَد بأن خسارة الدعم الأميركي للعراق سيضعف بشكل كبير جداً القوى الشيعية» التي حصلت على غالبية برلمانية في عام 2005.
وبحسب الصحيفة البريطانيّة، فإنّ الاتفاقيّة الأمنية، وخصوصاً إبقاء قواعد عسكريّة دائمة على الأراضي العراقيّة، ستنال موافقة معظم التشكيلات القوميّة والطائفيّة. فالأكراد «سيحبّذون إطالة الوجود الأميركي»، بينما العرب السنّّة سينقسمون، إذ يريد قادتهم من الوجود الأميركي في بلدهم أن يحدّ من نفوذ الشيعة.
وفيما كشفت الصحيفة عن أنّ السفير الأميركي لدى بغداد، ريان كروكر، تفاوض لأشهر مع المسؤولين العراقيين لإقناعهم بتوقيع الاتفاقية، جدّد الأخير نفيه نيّة واشنطن إقامة قواعد دائمة، موضحاً أن ما نشرته الصحيفة «غير صحيح».
وقال كروكر، في تصريح صحافي، إنّ «الوجود الأميركي لن يكون أبدياً»، والاتفاقات ستكون «علنية وخالية من البنود السرية»، موضحاً أن «النظام العراقي يتطلب عرض الاتفاقية على مجلس النواب وإجراء مناقشة كاملة وعلنية». وجزم بأنّ «المفاوضات لا تزال مستمرة ولا يمكنني التكهن بنتائجها، ولكن ما يمكن قوله هو أننا لا نسعى إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق. وما نشر هو غير صحيح».
على صعيد آخر، أعلن وزير خارجيّة الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان من بغداد أمس، عزم بلاده على إعادة فتح سفارتها وتعيين سفير لها لدى عاصمة العبّاسيين.
وفي زيارة غير مسبوقة هي الأولى لمسؤول خليجي على هذا المستوى منذ غزو العراق عام 2003، كشف عبد الله بن زايد، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، عن أنّ «هناك مشاورات بين حكومتي البلدين بشأن تسمية سفير إماراتي في العراق وإعادة افتتاح السفارة الإماراتية خلال الأيام القليلة المقبلة».
وأكّد عبد الله بن زايد أنّ بلاده تتطلع إلى أن يكون العراق شريكاً فاعلاً في مجلس التعاون الخليجي». كما أشاد بدور حكومة المالكي في عملية المصالحة الوطنية و«عملها الدؤوب من أجل استتباب الأمن وتنمية الاقتصاد الداخلي للعراق».
وتطرّق المسؤول الإماراتي إلى مسألة الديون العراقية المستحقّة لدول الخليج. وقال إنّ هذه المسألة «تثير قلق الحكومة العراقية، ولكن نحن سنعالج هذه الأمور بالسرعة اللازمة بما يخدم البلدين»، من دون إعطاء مزيد من المعلومات.
ونقل بيان حكومي عن المالكي إعرابه عن أمله أن تكون الزيارة «فاتحة خير لتعزيز التعاون بين البلدين، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارات»، ودعا «الشركات الإماراتية للعمل والاستثمار في العراق».
وكانت الإمارات قد أغلقت سفارتها في بغداد بعد اختطاف رئيس بعثتها ناجي النعيمي عام 2006، حيث تبنّت العملية مجموعة تطلق على نفسها اسم «لواء الإسلام» وطالبت بإغلاق السفارة في مقابل إطلاق سراحه.
على صعيد آخر، أعلن النائب الصدري عقيل عبد الحسين أن الأيام المقبلة ستشهد إعلان تكتل برلماني جديد يضم ستة أحزاب شيعية وسنية وعلمانية. وأوضح عبد الحسين أنّ التكتل سيضم «حزب الفضيلة» والتيار الصدري و«القائمة العراقية الموحدة» العلمانية، و«مجلس الحوار الوطني» بقيادة خلف العليان، و«الكتلة العربية للحوار الوطني» بقيادة صالح المطلك، بالإضافة إلى «تيار الإصلاح الوطني» بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري.
ميدانياً، اعترف الجيش الأميركي بمقتل جندي في اشتباك جنوب بغداد، فيما أعلن الجيش الجورجي مقتل ثالث جندي له منذ غزو العراق، في هجوم بالأسلحة الخفيفة في ديالى.
(الأخبار، أ ب، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)