حسام كنفانيقد يكون تأخّر الرواتب عن موظفي القطاع العام الفلسطيني الشهر الجاري سابقة منذ تسلّم رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض مهامه في أعقاب الحسم العسكري «الحمساوي» في قطاع غزّة وقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إقالة حكومة الوحدة الوطنيّة برئاسة إسماعيل هنيّة. تأخر الرواتب، التي اعتاد الموظفون في القطاع العام الحصول عليها في الثالث من أوّل كل شهر، يرده فيّاض إلى القرار الإسرائيلي بحجز أموال الضرائب الفلسطينية لـ«معاقبته» على مطالبته الاتحاد الأوروبي بعدم رفع مستوى العلاقات مع الدولة العبرية لمواصلتها الاستيطان ومماطلتها في تنفيذ خطة خريطة الطريق.
الذريعة، التي استكملها فياض اليوم بإعلان استمرار وقف الرواتب لحين الإفراج عن أموال الضرائب، قد تكون مقنعة لولا توقيتها الذي جاء متزامناً مع دعوة الرئيس محمود عباس إلى الحوار مع حركة «حماس» والعمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي اقترب من إتمام عامه الأوّل.
مصادر مقرّبة من حركة «حماس» ترى في قطع الرواتب رسالة من فيّاض إلى عباس بعد دعوته الحوارية. وتشير إلى أن فيّاض أصدر أوامر للمصارف لوقف صرف الرواتب. وتضيف أن ما أشيع عن احتجاز الأموال، وإن كان صحيحاً، إلا أنه لا يستدعي وقف الرواتب.
وتشير المصادر إلى أن «المعلومات المؤكدة أن الأموال متوافرة في خزينة السلطة الفلسطينية ووقف صرف الرواتب تم بأمر من فياض غضباً من دعوة عباس إلى الحوار»، ولا سيما أن نجاح الحوار قد يعني استبعاده عن رئاسة حكومة الوحدة الوطنية المقبلة، التي تصر «حماس» على ترؤسها باعتبارها تملك الغالبيّة في المجلس التشريعي الفلسطيني.
المعلومة تحمل الكثير من علامات الصدقيّة، ولا سيما أن الأموال، سواء عائدات الضرائب أو تحويلات الدول المانحة، تمثّل عقبة أساسية في طريق تتويج أي مسعى حواري فلسطيني إذا بقيت المواقف الدولية على حالها من حركة «حماس». وفياض يعد، بالنسبة إلى الدول المانحة، ضمانة بعدم ذهاب الأموال في اتجاهات غير مرغوب فيها أميركيّاً وإسرائيليّاً.
وبالتالي فإبقاء الموظفين من دون رواتب قد يكون رسالة تحذير مسبق من فيّاض إلى الرئيس الفلسطيني، مرفقة بصورة عما ستكون عليه الأوضاع المالية للسلطة في حال مضيه في المصالحة إلى النهاية.
سيناريو «الرسالة» المفترضة تنفيه مصادر مطلعة في رام الله، وتستدل على ذلك بالإشارة إلى أن فيّاض «موعود» برئاسة حكومة ما بعد المصالحة، باعتباره مصدراً للأموال، وترجّح موافقة «حماس» على ترشيحه.
بين هذين الاحتمالين يبقى الموظفون بلا رواتب إلى حين تبيان صدقيّة أي منهما.