باريس ــ بسّام الطيارةسوف يُفاجَأ الفرنسيّون، وخصوصاً متتّبعي البرنامج التلفزيوني الشهير لميشال دروكير الذي يُعرَض كل يوم أحد، بأنّهم سيشاهدون أوليفييه بوزانسونو على شاشة هذا البرنامج، وهو الزعيم الشاب لحركة الشيوعيين الثوريين، الذي احتلّ المرتبة الأولى بين مرشحي يسار اليسار في الانتخابات الرئاسيّة التي جرت العام الماضي. بوزانسونو سيظهر للمرة الأولى يوم غد في برنامج «خفيف» (ترفيهي)، يرى البعض أنّه يسهم في سحب السياسة إلى درك الخفّة وإبعادها عن الجدية، ويسهّل وصول أمثال نيكولا ساركوزي إلى الحكم.
إلا أنّ الزعيم الشاب قال إنّه لن يرفض الوصول إلى «أربعة ملايين فرنسي يشاهدون البرنامج». ويرى البعض أنّه محقّ في ذلك، وخصوصاً أنّ الشخصيات اليمينية تتراجع شعبيتها بشكل رهيب. فقبل أيام من موعد الاحتفال بمرور سنة على انتخاب ساركوزي، ما زالت أخبار الاستفتاءات تؤكّد تواصل انحدار شعبيته رغم مداخلته التلفزيونية الأخيرة. ولكن قد يسعد ساركوزي بخبر واحد وهو أنّه لم يعد الوحيد الذي تتراجع شعبيته بينما يتألّق رئيس حكومته فرانسوا فييون؛ فبحسب آخر إحصاء نشرته صحيفة «لوباريزيان» الشعبية، فإنّ تأييد فييون تراجع ٨ نقاط ليشير إلى أن فقط ٤٢ في المئة من الفرنسيين عندهم ثقة بعمله. أما ساركوزي، فشعبيته ما زالت قابعة في حدود الـ ٣٨ في المئة.
ومن الواضح أن ساكن الإليزيه، وبإمساكه بكل خيوط الحكم، منع عن نفسه التستّر خلف الحكومة، وتحميلها قسطاً من مسؤولية القرارات، وهو ما كان يحصل عادة وينعكس تراجعاً بشعبية الحكومات فيعمد الرئيس إلى تغيير حكومي. في المرحلة السابقة، أصاب تراجع الشعبية الرئيس نفسه، من دون أن يطاول شعبية فييون، وهو ما منع ساركوزي من استيعاب غضب المواطنين بتغيير الحكومة. أما اليوم، فإن تراجع شعبية فييون ما هو إلا اصطفاف إلى جانب شعبية الرئيس المنهارة، وهو ما يكبّل يدي الأخير لفترة وجيزة.
وترى بعض الأوساط المقربة من الحزب الحاكم أن الرئيس بات اليوم في وضع أفضل «للتخلص من فييون» شرط أن يضع حداً للنزاعات الدائمة داخل الحزب، التي يمكن أن تكون من أسباب تراجع شعبيته، إذ بدأت بذور معارضة داخلية تنبت في داخل تجمع الأكثرية الشعبية بسبب تراجع الرئيس، وقراراته غير الشعبية وتوجّهاته السياسية التي هي في أحسن حال غير مفهومة من قاعدة الحزب المتنوعة. حتّى إنّ فييون نفسه، اعترف في حديث صحافي قبل يومين بأنّ هناك داخل الحكومة «بعض التوتّر». وذلك قبل أن ينطلق في «رحلته الأميركية» لحضور الحفل السنوي لـ«الجنة الأميركية اليهودية» التي أعلن فيها ضرورة «جعل الحلف وثيقاً بين فرنسا والولايات المتحدة». وهو قد لا يُفاجَأ بأرقام تراجع شعبيته ولكن عليه التنبّه إلى أنّ «التخلص من الأثقال السياسية» ليس عملية لا يقوى عليها ساركوزي. فهو غير معروف «لا بعاطفيته السياسية ولا بأمانته للأحلاف» ويشهد على ذلك أكثر من سياسي تركهم على طريق وصوله إلى سدة الرئاسة، من «عرّابه» شارل باسكوا إلى «ملهمه الأول» في العمل في الحقل العام جاك شيراك.