strong>لم تمرّ ٢٤ ساعة على إجهاض إضراب ٤ أيّار في مصر، حتى فجّر الرئيس حسني مبارك مفاجأته السلبية الجديدة: قرار برفع أسعار المحروقات والسجائر ورسوم تسجيل السيارات الكبيرة. المفاجأة ليست في القرار فقط، بل في طريقة تمريره
القاهرة ــ الأخبار
استبق الرئيس المصري حسني مبارك إصدار قراراته الاقتصاديّة الكارثيّة على معيشة المصريين، بالكشف أوّل من أمس عن أنّ الموارد الماليّة للعلاوة التي أعلن عنها في خطاب عيد العمّال «غير متوافرة بالقدر الذي يتناسب وزيادتها بنسبة ٣٠ في المئة»، مشيراً إلى أنّ الحكومة «تبحث عن موارد حقيقية لصرف العلاوة بما لا يمثّل عبئاً جديداً على الدولة أو يحدث تضخّماً في الموازنة».
وبعد ساعات من تصريح الرئيس، تسرّب تقرير سرّي من اجتماع لجنة الخطّة والموازنة في مجلس الشعب الذي عُقد أمس، لم يطّلع عليه الأعضاء، وينصّ على رفع الأسعار «بشكل جنوني».
تقرير رفع الأسعار قدّمه طبعاً، الرجل الثاني في مجموعة جمال مبارك، مسؤول التنظيم في الحزب الحاكم الملياردير أحمد عزّ، إلى مجلس الشعب. عزّ طلب في تقريره رفع أسعار الوقود والمازوت وكل أنواع المحروقات بنسب تتراوح بين 40 و50 في المئة، إضافةً إلى فرض ضرائب جديدة على السيارات ووسائل النقل ورفع أسعار تذاكر المواصلات.
وتشكّل زيادة الأسعار على هذا النحو، صدمة لقطاعات اجتماعية لم تستفد بشكل مباشر من علاوة مبارك، بما ينذر بحصول توتّرات جديدة، وخصوصاً أنّ الدعاية الحكومية تركّز على أنّ تأمين موارد علاوة مبارك سيكون من إعادة توزيع الدعم على السلع الغذائية الرئيسية. ويبدو هنا، أنّ نظام مبارك نجح في نزع الفتيل المشتعل في قطاعات اجتماعية عديدة، وأربك الترتيبات التي كانت تسير في اتجاه معاكس، ويبحث حالياً عن منفذ للخروج من المأزق، فهو أقرّ علاوة «نظريّة» أموالها غير متوفّرة.
وبدا التخبّط واضحاً في تصريحات رئيس الحكومة أحمد نظيف، الذي أنكر وجود أي خطّة لزيادة الأسعار، لكنّه تحدّث في المقابل عمّا وصفه بـ«خطة لاحتواء زيادة الأسعار من خلال الإجراءات التي تتخذها الحكومة».
وأشار نظيف، في تصريحات نقلتها «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، إلى أنّه تمّ اتخاذ العديد من الإجراءات خلال الفترة الماضية، سواء بما يرتبط بخفض رسوم الجمارك على السلع الغذائية أو ما يرتبط بوقف تصدير بعض السلع «الاستراتيجية» لفترة محدّدة، وأيضاً ما تمّ الإعلان عنه من قبل الرئيس عن زيادة مخصّصات بطاقات التموين للسلع الاستراتيجية وزيادة في عدد المستفيدين من بطاقات التموين هذه.
وقال نظيف، عقب جولته التفقّدية لمحطّة السكك الحديد في مصر وإطلاقه التشغيل التجريبي لتتبّع حركة القطارات بالأقمار الاصطناعية، إنّ «أهمّ إجراء في مواجهة الغلاء هو العلاوة التي أعلنها الرئيس والنظرة الخاصة لموظفي الحكومة والتي سيلمسونها قريباً تحسّناً في مدخولهم».
وبالعودة إلى أحمد عز، فهو يحتكر سوق صناعة حديد التسليح وهو المسؤول عن رفع أسعاره بشكل خيالي، وهو ما أثّر على جميع السلع الأخرى. حتّى إنّ المصريّين باتوا يتناقلون «نكتة» عند الاستفسار عن سبب ارتفاع الأسعار من العقارات وحتى زجاجة الحليب، إذ يكون الردّ جاهزاً: «ألم تعرف كم وصل سعر حديد التسليح اليوم؟». وعلى هامش الحديث عن ارتفاع الأسعار، فقد تردّد أمس، أنّ طن حديد التسليح ارتفع ٤٠٠ جنيه إضافية (نحو ٨٠ دولاراً).
في غضون ذلك، ما زالت جماعة «الإخوان المسلمين» تدافع عن موقفها من الإضراب الذي أجهضه مبارك يوم الأحد الماضي، وسط انتقادات عديدة للجماعة بأنّها تخالف إجماع المعارضة وتصرّ على مواقفها التكتيكية المراوغة.
وفيما قال قيادي رفيع المستوى في «الإخوان» لـ«الأخبار» إنّ موقف الجماعة المحظورة من الإضراب قد «أسيء فهمه»، معتبراً أن «الإخوان» أيّدوا الإضراب، لكنهم لم يشاركوا فيه، فقد قال مراقبون سياسيّون إنّ الجماعة حاولت على ما يبدو مسك العصا من المنتصف ومغازلة النظام، على أمل أن يعيد النظر في الأحكام العسكرية التي طالت أخيراً أربعين من قادتها، من بينهم نائب المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر.