شهيرة سلومأمور مرهقة تواجهها هيلاري كلينتون كل يوم من أجل انتخاباتها الرئاسية، الاهتمام بالخطابات والردّ على المضايقات، وفبركة الادّعاءات عن الخصوم، وسرد قصص من الخيال تصوّرها بطلة رسوم متحرّكة، وحملات إعلامية، وجمع الأموال، ومهرجانات وجولات برفقة زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي، وقليل من النوم، بل يكفي ما تُعانيه من ترتيب مظهرها الخارجي من رأسها حتى أخمص قدميها، وهي ما ذكرته بنفسها.
كل هذا الإرهاق لم يوصلها إلى ترشيح الحزب الديموقراطي حتى الآن، بل أضحت على مشارف الهزيمة، مع حصول منافسها باراك أوباما على غالبية المندوبين المنتخبين والكبار. رغم ذلك لم تستسلم، وفي خطاباتها الانتخابية نكهة إصرار مصحوبة برائحة إقرار بنصر غريمها؛ فتارة تشكر مناصريها وتطلب دعمهم من أجل نصر لم يُحسم بعد بالنسبة إليها حتى الثالث من حزيران، موعد الانتخابات التمهيدية الأخيرة في ولاية مونتانا، وطوراً تدعوهم إلى الوحدة من أجل إيصال مرشح ديموقراطي إلى البيت الأبيض والتصويت لأوباما.
لقد صارعت منافسها بكل زخم، واستطاعت أن تتغلّب عليه في تمهيديات عديدة، وقد أثبتت بجدارة عنادها للعودة إلى البيت الأبيض. عناد استحق تقدير ألدّ خصومها. فما سرُّ هذا الإصرار؟ يقول رئيس اللجنة الديموقراطية الوطنية المناصر لكلينتون دون فلووير: «لا أعتقد أنّ هناك تفاؤلاً أعمى أو أنّها تخدع نفسها»، فهناك سبب.
عملياً، أوباما لم يحسم فوزه بشكل نهائي بعد، والفارق بين المتنافسين ليس بالحدّ الذي يستحيل تخطيه (أوباما حصل حتى الآن على 1965 مندوباً في مقابل 1780 لهيلاري)، ولا يزال هناك ثلاث ولايات ستجري فيها الانتخابات التمهيدية هي بورتوريكو (55 مندوباً) في الأول من الشهر المقبل، ثم في ولايتي ساوث داكوتا (15 مندوباً) ومونتانا (16 مندوباً) في الثالث من الشهر نفسه، وترجّح كل استطلاعات الرأي العام فوز هيلاري في كل من بورتوريكو ومونتانا. كما تأمل احتساب عدد مندوبي كل من ولايتي فلوريدا وميتشيغن، اللتين أُلغيت نتائج التمهيديات فيهما لأنّهما لم يلتزما الموعد الذي حدّده الحزب لإجراء الانتخابات. وهي لا تزال تأمل في أصوات المندوبين الكبار (ما يُناهز 300 ) الذين لم يحسموا أمرهم بعد. أو ربما كانت تريد أن تصبح نائبة الرئيس أو رئيس المحكمة العليا أو زعيمة للغالبية في مجلس الشيوخ، لكن على ما يبدو أنّ أوباما لن يختار كلينتون نائبة له، كما أنّ موقع زعيم الغالبية الديموقراطية الحالي في مجلس الشيوخ هاري ريد ليس في وارد أن يتزحزح في الوقت الحالي.
في المقابل، يرى البعض أنّ كلينتون تجد من واجباتها تجاه مناصريها وحزبها أن تبقى في السباق، تقديراً لمن استثمر وقته وأمواله لأنّه آمن بها وأرادها أن تصل. حجّة مثاليّة وأخلاقية في معركة كل الأسلحة مشرّع استخدامها، لكنّها تقود إلى مكان آخر. ببساطة هيلاري تريد وضع نفسها بمكان يضمن لها الفوز بالرئاسة بعد أربع سنوات مقبلة، إذا خسر أوباما أمام الجمهوري جون ماكاين. فإذا لم تستطع الوصول إلى البيت الأبيض اليوم، فلا بأس، لكنّها تعمل على أن تصل غداً لا محالة. تقدّم صورة لناخبيها على أنّها الأقدر على مصارعة الجمهوريين والتغلّب عليهم، وأنّه كان خطأً اختيار أوباما (فهي تراهن على خسارته، لأنّها تعتقد أن الشعب الأميركي لن يختار مرشّحاً أسود من أصول إسلامية وأفريقية، وقد حاولت استغلال هذه النقطة بنفسها حين وقفت وراء نشر صورته بزيٍّ كيني تقليدي). وتنتظر اللحظة المناسبة كي تقول: «لقد قلت لكم هذا».