باريس ــ بسّام الطيارةويجيب مؤيّدو عمدة باريس بأنّ «الأمور يجب أن تتحرّك». فرغم أنّ أحد المقرّبين من العمدة يؤكّد أنّ الأخير «ما زال متمسكاً بتراث الاشتراكيين من ميتران إلى جوسبان»، يعود ليعرب عن ثقته بأنّه «حان وقت الانفتاح».
وقد قدّم دولانويه في أوّل اجتماع لمحازبيه يوم السبت الماضي في باريس، تعريفاً للّيبرالية التي تحدث عنها بأنّها «ليبرالية سياسيّة واجتماعيّة». وتصدّت رويال بقوّة لهذا الطرح عبر «خطاب يساري التلوين» ذكرت فيه مرات عديدة أقطاب اليسار الماركسي التاريخي مثل جان جوريس.
وفي حديث لـ«كانال بلوس»، قالت رويال بحزم «لا أستطيع أن أقول أبداً إنّني ليبرالية»، واستطردت بالإشارة إلى أنه «يجب عدم إعادة تأهيل هذه الكلمة من مفردات خصومنا السياسيّين، لأنّ هذه الكلمة تعني الرأسمالية الجامحة لسحق ذوي الدخل المحدود».
ولاحظ مراقبون تقارب رويال ولوران فابيوس، حامل لواء اليسار الراديكالي في الحزب الاشتراكي، الذي يحاول منذ أن هزمته رويال إحياء تقارب مع الحزب الشيوعي «يعيد الحزب الاشتراكي إلى موقعه في مواجهة اليمين».
ويتخوّف المقرّبون من رويال وفابيوس من أن «ينزلق» قسم من جمهور الحزب الاشتراكي وراء الطروحات الليبرالية لعمدة باريس في توجه يشابه توجه حزب العمال البريطاني في عهد طوني بلير، ممّا قد يدفع قسماً كبيراً من الاشتراكيين اليساريّين للاندفاع في أحضان الشاب التروتسكي أوليفييه بوزانسونو، النجم الصاعد في اليسار الفرنسي والذي يكاد وزنه السياسي يتفوق على وزن الحزب الشيوعي، أقدم أحزاب فرنسا وأعرقها.
ثلاثة أشهر تفصل انطلاق الدوّامة الإعلامية التي تدور حول «الليبرالية» وبين المؤتمر العام للحزب الاشتراكي الذي يستعدّ لطيّ صفحة أمين سرّه الأوّل فرانسوا هولاند. رويال تستعدّ للقفز على كرسي مساكِنها السابق مدفوعة بـ١٧ مليون صوت نالتها في الانتخابات الرئاسية، ينافسها دولانويه مستنداً إلى فوزه التاريخي في انتخابات بلدية باريس.
إلا أنّ خلف الثنائي الذي أعلن صراحة استعداده لخوض معركة الأمانة العامة، تقف مجموعة «ذئاب شابّة» تنتظر نهاية المعركة للانقضاض على أشلاء الخاسر؛ ثلاثة أسماء جديدة ستطفو على سطح البحيرة الاشتراكية بعد انتهاء المعركة: بنوا هامون وجوليان دراي وأرنو مونتوبورغ. ووراء كل اسم «فيل اشتراكي» أجبره صعود نجمي رويال ودولانويه على العمل من وراء الكواليس.
من المرجَّح أن يدفع هذا اللغط في الحزب الاشتراكي إلى مزيد من تحوّله إلى «صحراء أفكار وساحة خلافات»، وهذا ما سيسمح لليمين ولنيكولا ساركوزي بفعل ما يشاء في غياب معارضة منظّمة ومتماسكة.