أرنست خوريارتدادات قبول المحكمة الدستوريّة التركيّة النظر بدعوى حظر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ومنع 71 من قياديّيه من مزاولة العمل السياسي لفترة 5 سنوات، وصلت إلى عاصمة الاتحاد الأوروبي، بروكسل. وعندما يعلّق رسميّون أوروبيّون بسلبيّة على أي حدث تركي، يكون الوضع في أنقرة سيّئاً، وسيّئاً للغاية. الكلام الأوروبي جاء قاسياً ولا شيء فيه سوى تهديد. الرسالة واضحة: عليكم (الأتراك) أن تختاروا بين مواصلة مسيرتكم الأوروبيّة أو اتّخاذ قرارات «غبيّة»، كحظر حزب سياسي، أيّ حزب، فكيف إذا كان حزب رجب طيب أردوغان الذي تنظر أوروبا والإدارة الأميركيّة إليه، على أنه «نموذج للإسلام المعتدل» المطلوب تعميمه على العالم الإسلامي.
بعد ثلاثة أيام على وضع الحزب في «قفص الاتهام»، تدخّل الاتحاد الأوروبي طرفاً رئيسياً في النزاع. طرف سند ظهر أردوغان وزملائه: أصدر الاتحاد، في اليومين الماضيين، بيانين، كشف في أحدهما أنّ أرفع مسؤولين فيه في شأن العلاقة مع أنقرة، رئيس المفوّضية الأوروبية خوسي مانويل باروزو، ومسؤول شؤون توسيع الاتحاد أولي ريهن، سيزوران أنقرة في 10 من الشهر الجاري، لثلاثة أيّام، وسيجريان فيها اجتماعات مع رئيس الوزراء ولرئيس عبد الله غول. ورغم أنّ البيان لم يوضح ما إذا كانت الاجتماعات ستشمل القيادة العسكريّة، لكن من شبه المؤكّد أنّ ذلك سيحصل. تأكّد ناتج عمّا أشار إليه البيان، من أنّ الزيارة «تأتي في وقت دقيق وحسّاس جدّاً بالنسبة لتركيا». وتابع أن المسؤولين الأوروبيَّين سيحملان إلى القيادة في أنقرة، «دعماً كاملاً للإصلاحات» في إشارة إلى التعديلات الدستورية التي شرع بها حزب أردوغان ويشترط الاتحاد إنجازها لمتابعة مفاوضات الانتساب إلى النادي الأوروبي.
البيان الثاني أصدره ريهن في وقت سابق، رأى فيه أنّ «إغلاق حزب العدالة والتنمية سيكون خطوة غير مبرّرة أبداً، وسيكون خطوة بعيدة في مجال مخالفة المعايير الأوروبية». أما الأهم في كلمات ريهن، فكان تحذيره الواضح بأنّ هذا الإجراء «سيكون خطأً تاريخياً سيتّخذ الاتحاد الأوروبي الإجراء اللازم إزاءه». وذكّر ريهن بأنّ جولة المفاوضات في عام 2004، نصّت على أنّه يمكن للاتحاد «أن يوقف كل تفاوض مع أنقرة إذا حصل فيها تجاوز كبير لحقوق الإنسان والحريات والديموقراطية ومبدأ دولة القانون».
كلام المسؤول الأوروبي تلقّفه كبار النوّاب الأوروبيين، ليلوّحوا بأنّ مجرّد اتخاذ المحكمة الدستورية قرارها، يجب أن يُرَدّ عليه بوقف فوري للمفاوضات، وهو ما اختصره نائب رئيس كتلة الحزب الاشتراكي الأوروبي، النائب جان فيارسما. بدوره، طمأن زميله عن «تحالف الليبراليين والديموقراطيين لأوروبا»، آري فاتانن، مسؤولي الحزب التركي المعرّض للحظر، بأنّ الاتحاد «سيكون له ردّة فعل حازمة وقويّة جداً» على قرارات كهذه.
عدد النوّاب الأوروبيّين الذين أصدروا بيانات وتصريحات متضامنة مع أردوغان، ومهاجمة للمؤسّسة العسكريّة التي رأوا أنها لا تزال تستخدم عصابات «الدولة داخل الدولة» لتقويض سلطة الحكومة، فاق العشرة. إلا أنّ الملاحظة الأبرز صدرت عن رئيس اللجنة البرلمانية التركية ـــ الأوروبية، جوست لاغنديك، الذي رأى أنّ قرار المحكمة، جعل من العام 2008، «عاماً ضائعاً» بالنسبة لتركيا من ناحية الإصلاحات الدستوريّة المطلوبة أوروبياً، «مثلما كان عام 2007 عاماً ضائعاً أيضاً».