strong>بول الأشقررغم شعبيته الخيالية، دفع الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي خلال شهر نيسان الجاري تكاليف سياسية، فبعد أسبوعين على تأجيل الكونغرس الأميركي مناقشة معاهدة التجارة الحرة مع كولومبيا إلى أجل غير مسمّى، عرف نكسة شخصية مع اعتقال ابن عمه ماريو أوريبي، أقرب المقربين منه.
وأبرز إحصاء شركة الاستشارات «ميتوفسكي» المكسيكية عن شعبية الرؤساء في القارة الأميركية، أن الرئيس أوريبي يحلّق عالياً أمام كل الرؤساء الباقين بنسبة تأييد تصل إلى 84 في المئة. أقرب منافس له هو رئيس الإكوادور الذي حصل على تأييد 62 في المئة من مواطنيه. إلا أن هذه الشعبية الخيالية لا تعفي حاكم كولومبيا من هموم أزمة «البارا ـ بوليتيكا»، أي العلاقات المشبوهة بين «الباراميليتاريس» والطبقة السياسية، التي أخذت تعطل جدياً أداء مؤسسات الدولة.
تعدّ «الباراميليتاريس» أعنف ميليشيا عرفها الصراع الكولومبي. أسّست عام 1997 تحت اسم «الدفاع الذاتي الموحد الكولومبي»، وينسب إليها قتل نحو أربعين ألف كولومبي، بينهم 15 ألف مفقود. وتورط مع هذه الميليشيا التي تشرف عليها مافيات المخدرات، عدد لا يحصى من الملاكين والسياسيين والضباط لمحاربة نفوذ «الفارك» العسكري. وسلّم ثلاثون ألفاً من «الباراميليتاريس» أسلحتهم إثر تفاوض مع حكومة أوريبي عام 2003، مقابل عفو يجعل الفترة القصوى لسجنهم ثماني سنوات شرط التعاون مع القضاء، والكف عن الأعمال غير الشرعية. ومن النتائج غير المحسوبة لهذا الاتفاق، أن المحكمة العليا الكولومبية قاضت حتى الآن في إطار الكونغرس فقط، أكثر من 60 نائباً وشيخاً، وأمرت بسجن أكثر من ثلاثين منهم. والعدد مرشح للتضخم كلما انتقل التحقيق إلى مقاطعة جديدة من كولومبيا.
المشكلة بالنسبة إلى الرئيس أوريبي، الذي يعيش علاقة متوترة مع القضاء، أن الأكثرية الساحقة من الملاحقين، هم من حلفائه السياسيين. وآخر المعتقلين هو ابن عمه، الملاحق منذ أيلول الماضي. استقال ماريو أوريبي من مناصبه السياسية. وقبل أيام، أمرت المحكمة باعتقاله فتوجه إلى سفارة كوستاريكا، طالباً اللجوء السياسي، ما أدى إلى تجمّع لجان أهالي المخطوفين وضحايا «الباراميليتاريس» حول السفارة. وبعد رفض كوستاريكا منحه اللجوء السياسي، اقتيد ماريو أوريبي إلى السجن. وفي اليوم التالي، صدر عن الرئاسة بيان جديد ينفي نفياً قاطعاً شهادة جديدة لأحد أعضاء «الباراميليتاريس»، الذي اتهم الرئيس أوريبي شخصياً بالتورط في مجزرة للباراميليتاريس، حين كان حاكماً لمحافظة أنتوكيا.
التهمة ليست الأولى، إلاّ أنها تضاف إلى المشهد السياسي العام لتسميم الأجواء التي كانت بدأت تنضج لتعديل الدستور مرة جديدة، والسماح لأوريبي بالترشح لرئاسة الجمهورية مرة ثالثة.