مقتل جنديّين إسرائيليّين و«حماس» تتمسّك بالمقاومة وتتّهم السلطة بتغطية العدوان
غزة ــ رائد لافي
ترجمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تهديداتها، محوّلة قطاع غزة إلى «محرقة»، سقط في خلالها في اليومين الماضيين، سبعون شهيداً وأكثر من 250 جريحاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، وسقط العدد الأكبر منهم في مخيم جباليا (شمال القطاع)، في وقت نجحت فيه المقاومة بقتل جنديين إسرائيليين وتحدي العدوان بمواصلة إطلاق الصواريخ على المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية طوال ساعات ليل السبت ـــ الأحد، سلسلة غارات جوية استهدفت مقارّ حكومية ومنشآت مدنية، ومسجداً، ونشطاء المقاومة، وقد ضربت إحداها مقر مجلس الوزراء التابع للحكومة المقالة برئاسة اسماعيل هنية في مدينة غزة.
واستشهد أمس، ثمانية فلسطينيين، بينهم المقاوم في كتائب «القسام» خالد منذر ريان، وهو ابن شقيق القيادي في حركة «حماس» نزار ريان، وذلك بعد ساعات قليلة على استشهاد شقيقيه محمود وأحمد في اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال في مخيم جباليا. وأعلنت مصادر طبية استشهاد وسام فايز عبد ربه، والطفلة صفاء رعد أبو سيف (12 عاماً) في غارة جوية نفذتها طائرة حربية إسرائيلية في المخيم.
وانتشلت الطواقم الطبية جثماني الشهيدتين الشقيقتين رجاء وابتسام عطا الله، من تحت أنقاض منزلهما الذي قصفته الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء السبت (أول من أمس)، ليرتفع عدد شهداء العائلة إلى ستة.
وكانت طائرة حربية قد قصفت منزل عائلة عطا الله في حي اليرموك في مدينة غزة، ما أدى إلى تدميره بالكامل، واستشهاد الوالدين عبد الرحمن عطا الله (60 عاماً) وزوجته سعاد (60 عاماً)، واثنين من أبنائهما هما: خالد (33 عاماً) وإبراهيم (30 عاماً).
وقصفت مروحية حربية إسرائيلية، فجر أمس، سيارة مدنية في منطقة التوام شرق مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد المواطن خليل عز الدين وإصابة آخر بجروح متوسطة، بينما نجت مجموعة من نشطاء كتائب القسام من قصف مماثل في المنطقة ذاتها.
وكان ستة من عناصر الشرطة الفلسطينية التابعة للحكومة المقالة قد استشهدوا في غارة جوية شنتها طائرة حربية إسرائيلية في ساعة متقدمة من مساء السبت (أول من أمس) على مسجد قيد الإنشاء في مدينة رفح، جنوب القطاع.
وفي وقت سابق، استشهد عنصران آخران في الشرطة هما: رأفت حمد أبو ياسين وحسن أبو النجا، وأصيب آخران بجراح متوسطة، جراء قصف طائرة حربية بصاروخين دوريةً للشرطة في محيط موقع الشرطة الرئيسي في مدينة خان يونس جنوب القطاع. واستشهد المقاوم في كتائب القسام بلال الجمال (25 عاماً)، وهو المرافق الشخصي للقيادي في «حماس» محمود الزهار، خلال تصديه لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا. كما استشهد المقاوم في كتائب «القسام» سائد دبور وأصيب آخرون، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت تجمعاً للمقاومين شرق مخيم جباليا.
وكانت المحرقة الإسرائيلية قد اشتعلت عندما توغلت عشرات الدبابات والجرافات والآليات العسكرية من محاور عديدة شرق مخيم جباليا المكتظ بأكثر من 100 ألف لاجئ فلسطيني، لمسافة تصل إلى نحو ثلاثة كيلومترات، وبغطاء جوي من طائرات الاستطلاع من دون طيّار المعروفة شعبياً باسم «الزنانة»، والمروحيات الحربية.
وسقط خلال الساعات الأولى من بداية «المحرقة» الإسرائيلية، التي أطلقت عليها قوات الاحتلال اسم «الشتاء الساخن»، عدد كبير من الشهداء، ثلثهم من المقاومين الفلسطينيين، في وقت واجهت فيه الطواقم الطبية صعوبة بالغة في التعرف إلى جثث تحولت إلى أشلاء ممزقة ومتفحمة. وأظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية قدراً كبيراً من الصمود في التصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي المعتدية، ونجحت في قتل اثنين من جنود الاحتلال وإصابة نحو خمسة آخرين، بحسب اعترافات مصادر عسكرية إسرائيلية، بينما أكدت المقاومة أن خسائر العدو أكبر من ذلك، من بين ألفي جندي يشكلون لواءً كاملاً شارك في العملية العسكرية في مخيم جباليا.
وأصيب ستة إسرائيليين بجروح طفيفة جراء سقوط صواريخ «غراد» في مدينة المجدل عسقلان (اشكلون) التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن شمال القطاع.

مشعل

وخلال مؤتمر صحافي في دمشق، اتهم رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتوفير الشرعية والغطاء للهلوكوست الذي تنفذه إسرائيل ضد قطاع غزة. وقال «مَن يعتقد أن سبب الحصار هو الصواريخ وأن غزة تحتضن القاعدة، فإنه يعطي الشرعية للحرب على غزة».
وأكد مشعل أنه «لا حل في الشأن الفلسطيني إلا بالحوار واحترام اللعبة الديموقراطية ـــ ولا حل مع العدو إلا بالصمود والمقاومة». وتعجب «من غياب أي مقاطعة عربية لأميركا احتجاجاً على الحرب على غزة»، متسائلاً «كل هذه المجازر ألا تستحق المقاطعة؟ نريد من دول عربية لها وزنها وعلاقات جيدة مع الأميركيين أن تقوم بتوظيف ذلك من أجل وقف (هدر) الدم الفلسطيني».
وفي السياق، انتقدت «حماس» بشدة تصريح وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، رياض المالكي، الذي حمّل فيه الحركة الإسلامية مسؤولية التصعيد الحاصل في غزة لاستمرارها في إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية. ووصف المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، التصريحات بأنها «غبية تهدف إلى تبرئة الاحتلال وتوفير الغطاء للاستمرار في هذه المحرقة، وتعكس حجم تواطؤ فريق رام الله وتعاونه مع الاحتلال ضد شعبنا».
بدورها، اتهمت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» الولايات المتحدة بتوفير الغطاء السياسي للعدوان من خلال تعطيلها صدور بيان عن مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن. وأضافت أن هذه التطورات تكشف «زيف الإدارة الأميركية وعقم المراهنات على الوعود التي تطلقها أميركا، بشأن المساعي لإيجاد حل يقوم على إنشاء دولة فلسطينية في نهاية العام الجاري».





أعلن مسؤولون أمنيّون وطبيون مصريون، أمس، أن القاهرة فتحت معبر رفح الحدودي مع غزة لإدخال الجرحى الفلسطينيين الذين أصيبوا في الغارات الإسرائيلية على القطاع المستمرة منذ يوم الأربعاء الماضي.
وقال مدير وحدة الطوارئ في مستشفى العريش العام، عماد خربوش، إن مصر أرسلت 27 سيارة إسعاف إلى معبر رفح استعداداً لنقل ما بين 150 إلى 200 مصاب فلسطيني جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأضاف خربوش أن المصابين الفلسطينيين سيتم نقلهم إلى مستشفيات رفح والعريش وأنه سيتم أيضاً نقل المصابين بجروح خطيرة إلى مستشفيات القاهرة.
وفتح معبر رفح هو الثاني منذ قيام نشطاء حركة «حماس» بنسف الجدار الخرساني على حدود مصر مع قطاع غزة يوم 23 كانون الثاني الماضي، ما أدى إلى دخول مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى مدن شمالي سيناء.
وتطالب حركة «حماس» بفتح المعبر، إلا أن مصر تصرّ على تطبيق اتفاقية عام 2005 التي تمنح مسؤولية السيطرة على المعبر لحرس الرئاسة الفلسطيني التابع للرئيس الفلسطيني محمود عباس وسط إشراف أوروبي.
(يو بي آي)