باريس ــ بسّام الطيارة
نجامينا تتّهم الخرطوم بدعم المتمردين... وفصائل دارفور تحارب إلى جانب النظام التشادي


اختلط النشاط الدبلوماسي بشأن أزمة التشاد أمس بالقلق إزاء مصير المدنيين الجرحى والنازحين الذين استمر تدفقهم بالآلاف إلى دول مجاورة، في وقت رأت فيه مصادر مقرّبة من الرئيس إدريس ديبي أن إعلان فرنسا استعدادها «للقيام بواجبها» في نجامينا هو «أقل ما يمكن أن ينتظره» منها.
وبعدما عاش النظام التشادي أسوأ كوابيسه، إثر عبور قافلة من ٣٠٠ سيارة رباعية الدفع من أقصى الشرق التشادي إلى حدوده الغربية من دون أن «يُعلمه الجيش الفرنسي بوصول المتمردين إلى أطراف العاصمة»، أشارت مصادر إلى أن ديبي «لا يزال يحاول تفسير» موقف السلطات الفرنسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، «وخصوصاً عرض الرئيس الفرنسي» نيكولا ساركوزي نقله إلى باريس «حفاظاً على حياته»، وهو الأمر الذي رفضه بشدة، حسب تصريح وزير الخارجية التشادي محمد العلمي.
إلا أن لهجة ساركوزي من الأزمة الداخلية التشادية تغيّرت أمس، فرأى أن «الجيش الفرنسي ليس موجوداً ليتصدى بالأسلحة لأي جهة كانت». وأشار إلى بيان مجلس الأمن الذي رآه المراقبون «تسهيلاً للمشاركة في صد أي هجوم جديد». وأضاف الرئيس الفرنسي أنه بعد موقف الأمم المتحدة، «وإذا تعرضت التشاد إلى عدوان، فإن لفرنسا الوسائل للتصدي لأي عملية مخالفة للشرعية الدولية».
وخلال مؤتمر صحافي في باريس مع نظيره الفرنسي برنار كوشنير، قال العلمي، ردّاً على سؤال لـ«الأخبار» بشأن موقف السلطات التشادية من التردد الذي صبغ الموقف الفرنسي خلال الهجوم، إن نجامينا «مرتاحة للموقف الفرنسي»، مضيفاً أن «المجتمع الدولي دان الاعتداء الخارجي». ووصف قوات المتمردين بـ«أدوات في يد النظام السوداني يستعملها للاعتداء على التشاد».
ورغم اعترافه بأن الأزمة لها جذور داخلية، قال العلمي إن الخرطوم أرادت إغلاق «النافذة التي تطل على المجزرة التي تجري في إقليم دارفور»، عبر إثارة هذا النزاع. ودعا الفرقاء التشاديين إلى التفاوض، مذكراً بـ«اتفاق طرابلس الذي بدأ البعض تنفيذه». وأضاف: «إن هذا الاتفاق يبقى مفتوحاً لمن يقرر الكف عن أداء دور الأداة بيد الاعتداء السوداني».
وأعلنت إحدى أكبر حركات التمرد في دارفور في وقت سابق، على لسان قائدها عبد العزيز النور أشر، أن «بعض مقاتلي حركة العدل والمساواة موجودون في شرق التشاد لأن قوات الحكومة السودانية موجودة أيضاً».
وانتبه المراقبون إلى بعض التباين بين موقف رئيس الدبلوماسية التشادية من قرار وقف إطلاق النار، وموقف رئيس الوزراء نور الدين دلوا كاسيري كوماكوي الذي نفى الأمر. وشدد كوماكوي، لقناة «فرانس ٢٤» الفرنسية، على أن المتمردين «سُحقوا». وأضاف: «لماذا اتفاق لوقف إطلاق النار؟ لم يعد لهم وجود. مع من تريدون أن نوقّع وقف إطلاق نار؟ لقد سحقناهم».
وتشير أوساط المتمردين إلى أنهم وافقوا على مبدأ وقف إطلاق النار بعد تعرضهم لضغوط دولية قوية في هذا الاتجاه.
ورداً على سؤال عما إذا كانت حركة التمرد قادرة على شن هجوم جديد والسيطرة على العاصمة، أجاب أحد قادة المتمردين «بالتأكيد، من دون تدخل القوات الفرنسية». وأضاف: «نظراً إلى القرار الذي اتخذ أمس (الاثنين) من جانب الأمم المتحدة ويفوّض فرنسا التدخل لحماية النظام، سنضطر لاتخاذ إجراءات جديدة».
ويشير نزوح سكان نجامينا، الذي يثير قلقاً كبيراً، إلى أن المعركة لم تنته. وحذرت باريس، التي تملك ما يزيد على ١٦٨٠ جندياً وطائرات قتالية وطائرات استطلاع في إطار عملية ايبرفييه، أول من أمس، المتمردين من استئناف القتال. وأملت «ألا تضطر في المستقبل للتدخل عسكرياً في التشاد»، وهو ما فسّره البعض بأنه دعوة مباشرة إلى المتمردين للتفاوض مع الحكومة التشادية من جهة، وعدم عرقلة وصول قوات «أوفور» الأوروبية من جهة ثانية.
وفي واشنطن، أعرب البيت الأبيض عن «قلقه الشديد» من الوضع في التشاد، مطالباً المجتمع الدولي بـ«بذل الكثير من الجهود لتسوية الوضع»، فيما حذرت روسيا من «مخاطر امتداد الاضطرابات إلى الدول المجاورة والمنطقة برمتها»، داعية إلى تحقيق استقرار الوضع «في أقرب وقت ممكن».
وأفادت مصادر إنسانية، في حصيلة جزئية، بأن المعارك التي جرت في قلب العاصمة خلّفت «العديد من القتلى» وما لا يقل عن 1000 جريح.