حسن شقراني
لعلّ الجيّد في «الفضيحة ــــ الشائعة» العاطفيّة التي طالت السياسي الجمهوري جون ماكاين، المرشّح الأبرز لنيل بطاقة حزبه إلى الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، بالنسبة إليه، هو أنّها حدثت الآن، في الوقت الذي تكتسب فيه حملته زخماً نوعياً يجعله الوحيد الطاغي على الساحة السياسيّة في المجمع الجمهوري.
فلو ارتأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن تنشر تقريرها عن «العلاقة!» التي جمعت، قبل 9 سنوات، «الهرم الفيتنامي» بالناشطة في مجال الاتصالات في إحدى جماعات الضغط، فيكي آيزمان، بعد فترة من الآن: لنقل قبل أسبوع من 4 تشرين الثاني المقبل (موعد الانتخابات)، لكان تأثير «المغامرة الرومانسيّة» أكبر، ويبتعد بأشواط عن «عامل مونيكا لوينسكي» خلال عهد الرئيس بيل كلينتون. سببان يعلّلان هذه الحجّة:
1 ــــ ماكاين يطرح نفسه على أنّه ممثّل للتيّار الأخلاقي المرتقي فوق الاعتبارات الشخصيّة. ولكن بحسب تقرير «نيويورك تايمز»، فإنّ العلاقة التي بدأت «تقنيّة» عام 1999 خلال حملة ماكاين الانتخابيّة في الاستحقاق الرئاسي الذي شهدته البلاد العام التالي، تحوّلت إلى عاطفيّة. وبعد اقتناع معظم مستشاريه والمقرّبين منه بذلك، أعطوا تعليمات للمسؤولين الأمنيّين في الحملة تقضي بمنع آيزمان من الولوج إلى الأماكن التي يوجد فيها ماكاين «لحمايته من نفسه». وبالتالي، فإذا ظهرت دلائل عمليّة تؤكّد الفضيحة (إذا لم تظهر الدلائل فإنّ القضيّة ستشكّل حتماً زخماً إيجابياً إضافياً) فإنّ الغريزة التي حرّكت ماكاين سيكون وقعها أكبر من «غريزة بيل»، لأنّ الأخير ظهر إلى العلن كأيّ إنسان عادي يعترف بخطئه، بينما ماكاين احتاج إلى «كبح خارجي» ليرتدّ عمّا يشتهيه: المضاد الواضح لطرحه الأخلاقي.
2 ــــ «عامل لوينسكي» فُضح فيما كان «بيل العاشق» في أوج عطاءاته. بينما لو كشف «عامل آيزمان» عند حلول الخريف المقبل، لكان حتماً قضى على آمال ماكاين، حتى وإن لم تثبت دلائل... وحتى إن ظهر الأمر أخيراً على أنّه مؤامرة، سرّب في إطارها «مقرّبون مرتدّون» (يعملون لمصلحة حملات انتخابيّة منافسة) هذه «المعلومات الخبيثة».
لا شكّ في أنّ تمهيديّات الانتخابات الأميركيّة المقبلة، هي الأكثر إثارة وتشويقاً منذ زمن بعيد. فالجميع متشوّقون لـ«ماهيّة المعالم التي ستطبع حقبة ما بعد الرئيس جورج بوش». كذلك فإنّ تعدّد الطروحات بين المتنافسين يوفّر بريقاً خاصاً. وعندما انتفى هذا البريق مع شبه الحسم الذي حصده ماكاين في الحزب الجمهوري، ظهرت الفضيحة المذكورة لتخلق تشويقاً جديداً.
أمام هذا الواقع، من المنطقي بحث سؤال: «هل سئم الأميركيّون فعلاً من هذا النوع من السياسات المقيتة؟» حسبما افترضت حملة ماكاين بحجّة الدفاع، أم يرغبون بمزيد من ظاهرة «السياسيّين في فخّ الواقع» على شاكلة تلفزيون الواقع؟ كذلك من المنطقي ملاحظة أنّ شخصاً واحداً يجد نفسه في موقع الانتقام من «عامل لويسنكي»، مستخدماً «عامل آيزمان»: هيلاري كلينتون... إذا كانت حظوظها لا تزال قائمة لمواجهة ماكاين في الخريف المقبل.