بعد «الانتصار التاريخي» الذي حقّقته في حربها النووية بصدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمصلحتها، بدأت طهران أمس جولة جديدة من المعارك، كي تمنع صدور قرار عقوبات دولي ثالث ضدّها، من المُفترض مناقشته اليوم من خلال اجتماع ممثلي الدول الست
طالب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بالاعتذار من الشعب الإيراني والتعويض عليه لأنّهم اتهموه بأنّه يسعى وراء السلاح النووي وهي «الطريقة الأفضل للتكفير عن خطئهم»، محذّراً من أنّ بلاده ستلجأ إلى اتخاذ «تدابير حاسمة» ضدّ الدول التي تفرض عقوبات إضافية ضدّ بلاده.
وأوضح الرئيس الإيراني أنّ المعلومات التي قدَّمها الأميركيون عن البرنامج النووي الإيراني، إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية «ُمزيفة»، مضيفاً إن «تلامذة مدارسنا يمكنهم أن يقدّموا تلفيقات أفضل من التي قدّموها». وأشار نجاد الى أنّ تقرير وكالة الطاقة بشأن أنشطة بلاده النووية، أكّد أنّ طهران لا تسعى وراء السلاح من خلال برنامجها النووي، لذلك على الغرب أن «يعوّض إيران عن الضرر الذي لحق بها جرّاء ادّعاءاتهم الباطلة».
وبعد صدور تقرير وكالة الطاقة، بعث الرئيس الإيراني برسالة إلى المُرشد الأعلى للثورة الإسلامية، السيد علي خامنئي، قال فيها «أُهنّئ سعادتكم والشعب الإيراني الشجاع بهذا النصر التاريخي، في أكبر مجابهة سياسية مع قوى الاستبداد بسبب القضية النووية المهمة».
واتهم ممثل خامنئي لدى المجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، دولاً «غربية وعربية» لم يُسمّها بالضغط على المدير العام لوكالة الطاقة محمد البرادعي من أجل أن يأتي تقريره ضدّ مصلحة طهران. وقال لاريجاني، إن «البرادعي، قبل إصداره التقرير الأخير، كان خاضعاً لضغوط غربية وعربية.. وأكّد (البرادعي) أنّه يتعرّض لمثل هذه الضغوط للتأثير على تقريره، إلاّ أنّه لم يرضخ لها».
من ناحيته، دعا رئيس مجلس الخبراء علي أكبر هاشمي رفسنجاني إلى الحفاظ على النجاح الذي حققته إيران في المجال النووي، مشدداً على ضرورة اليقظة من المخططات الأميركية. وقال رفسنجاني «إننا عملنا ونجحنا وعلينا أن نحافظ على هذا النجاح ونواصله».
وفي السياق، قال وزير الخارجية، منوشهر متكي، إنّ إيران لا تعتزم الخوض في أي مفاوضات مع الولايات المتحدة حالياً وهي «غير مدرجة على جدول أعمال إيران»، مشدّداً على أن القضايا الخلافية بين الدولتين كبيرة جداً ولا ترتبط فقط بالقضية النووية.
وعشية اجتماع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا في واشنطن لبحث مشروع قرار جديد يُشدِّد العقوبات على إيران، قلّل مندوب إيران الدائم
لدى الأمم المتحدة، محمد خزائي، من التحركات الغربية الجارية من أجل إصدار قرار بالعقوبات، ورأى أنّها جزء من ماكينة دعائية غربية منظمة. وقال، في حديث أجرته معه «الأخبار»، إن التقرير واضح وصريح، «إيران قدّمت إجابات وافية عن النقاط الست العالقة، ولم تعد هناك من أمور أخرى تقتضي الرد عليها».
وتابع خزائي أن «مناقشة برنامج إيران النووي السلمي بعد التقرير، ولا سيما في هذا الوقت، من شأنها أن تضعف صدقية الوكالة بصفتها الجهة الرقابية التابعة للأمم المتحدة. وأعتقد أن من واجب أعضاء مجلس الأمن الدولي دعم صدقية الوكالة، وإنني أدعو جميع أعضاء الوكالة للدفاع عن سمعتها المهمة من أجل مراقبة النشاطات النووية لكل دول العالم».
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، مجموعة «5+1» إلى اتخاذ موقف واقعي ومنطقي، محذّراً من أنّ الردّ على قرار دولي جديد سيأتي في حينه «بعد التعرّف على مضمونه وطبيعته».
وعن تصريح رئيس البرلمان الأردني عبد الهادي المجالي، الذي رأى أن إيران تستغل القضايا الجارية في لبنان والعراق، قال حسيني إن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان لها على الدوام دور إقليمي إيجابي وبنّاء، وهو ما يؤكده الكثير من الدول». وأضاف إن «التصريحات التي يدلي بها بعض المسؤولين في بعض دول المنطقة لا أساس لها من الصحة، ونحن نعتقد بأنها تأتي في سياق الاتهامات الأميركية الخاوية ضد إيران». ورأى أنه «في ما يتعلق بقضايا فلسطين والعراق ولبنان، فإن مساعينا وتوصياتنا تصبّ دوماً في مسار التفاهم والتناغم بين مختلف الفئات».
في المقابل، رأت اسرائيل أن إيران تواصل عرقّلة تحقيق وكالة الطاقة. وقال بيان لوزارة الخارجية إن «إسرائيل مقتنعة بأن المجتمع الدولي يجب أن يزيد ضغوطه على إيران لضمان عدم حصولها على أسلحة نووية».
أمّا باريس، فقد أعلنت أنّها تفضّل الحوار والتفاوض لتسوية المشكلة النووية الإيرانية، وأفاد بيان لوزارة الخارجية أنّه في ضوء التقرير «لا تزال هناك شكوك كبيرة» في إمكان قيام إيران بأنشطة عسكرية. وأضافت الخارجية الفرنسية إن باريس «تُفضّل الحوار والتفاوض لتسوية المشكلة النووية الايرانية».
وفي الملف الانتخابي الداخلي، قدَّم محافظون معارضون لسياسة الرئيس الإيراني لائحة منفصلة في طهران لخوض الانتخابات التشريعية المرتقبة في 14 آذار المقبل.
وقال المتحدث باسم «الائتلاف الموسع للمدافعين عن المبادئ»، حسين مظفر، إن «لائحة من 37 شخصاً قد اكتملت وسنختار من بينهم في خلال الأيام الثلاثين المقبلة لتشكيل لائحة طهران».
وكان مجلس صيانة الدستور قد أعلن أنّه أقرّ ترشيح أكثر من 4500 مرشح حتى الآن من بين 7600 سجلوا أنفسهم للانتخابات.
(الأخبار، أ ف ب، أ ب،
يو بي آي، مهر)