نيويورك ـ نزار عبود
لم ينجح الرئيس الأميركي جورج بوش في زيارته إلى الشرق الأوسط في حشد تحالف «مركزي» جديد في وجه إيران، مع تزايد المخاوف من أن تخسر بلاده سريعاً ما ظنّ أنها إنجازات أمنية تحقّقت في العراق. وهذا الوضع جعله يعيد النظر في خطة تقليص عدد قواته بواقع 40 ألفاً خلال العام الجاري، وترك القرار في يد قائد عملياته الجنرال دايفيد بيترايوس، ومساعده ريمون أوديرنو، وخليفته المرتقب الجنرال لويد أوستين (حسبما أكّدته صحيفة واشنطن بوست أمس). وهو ما ظهر واضحاً من كلامه بعد الاجتماع ببيترايوس وسفير بلاده لدى العراق ريان كروكر في الكويت، أوّل من أمس.
وعاد بيترايوس إلى ترداد النغمة السابقة عن دعم إيران للميليشيات الشيعية. وأشار بعد الاجتماع برئيسه، إلى أنّ قواته سجّلت منذ مطلع العام الجديد، «تزايداً حادّاً في العمليات ضدّ القوات الأميركية على شكل قذائف فردية شديدة الفعالية ضدّ الآليات»، الأمر الذي جعله يتساءل: «هل تخلّى الإيرانيون عن فكرة التعاون في العراق؟».
صحيح أنّ بوش يترك قرار تحديد موعد الانسحاب في العراق إلى الجنرال بيترايوس، لكن القرار الفعلي سيكون في الكونغرس الأميركي. فبقاء القوات في بلاد الرافدين فترة طويلة تحتاج إلى مزيد من الاعتمادات المالية، علماً بأن بوش لم ينجح سوى في الحصول على نصف الاعتمادات التي طلبها في الميزانية.
ومع زيارة بوش إلى المنطقة، غاب موضوع عقد الجولة الرابعة من المباحثات الثلاثية العراقية ـــــ الإيرانية ـــــ الأميركية، الذي كان مقرراً في بغداد بناءً لدعوة أميركية، وذلك بعدما طلبت واشنطن تأجيل الاجتماع رغم حضور وفد إيران المفاوض إلى بغداد في الرابع من هذا الشهر.
مصادر دبلوماسية متابعة في نيويورك رأت أن الأميركيّين لم يتوقّعوا موقفاً متصلّباً من إيران إلى حدّ وضع الشروط على الأميركيين قبل البدء بالجولة الرابعة من المحادثات، بل كانوا يظنون أن طهران مستعدّة لتقديم مساعدة مجانية للأميركيين في مقابل عدم إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.
كما لم يخفِ السفير كروكر حيرته من مواقف طهران المتصلّبة عندما لفت إلى «أنّنا نشاهد علامات محيّرة، أو مؤشرات متباينة... نحاول أن نتبيّن منها إذا ما كان هناك تحوّل سياسي متماسك من الجانب الإيراني، وإلا ما الذي يدور من حولنا غير ذلك التحوّل»، ملقياً باللائمة على الإيرانيين في موضوع التأخير في عقد الاجتماع العراقي الرابع.
غير أنّ آخر التصريحات بشأن المباحثات، كانت قبل مطلع العام الجديد، إذ قال وزير خارجية العراق، هوشيار زيباري، في 28 من الشهر الماضي، إن الجانب الأميركي طلب التأجيل بانتظار استكمال التحضيرات.
دبلوماسي في نيويورك رأى أنه يصعب فصل ما يجري من تجاذب في العلاقات الإيرانية ـــــ الأميركية منذ مطلع السنة وما وصلت إليه المفاوضات حول الأزمة اللبنانية من أفق مسدود. وأكّد أنّ الإسرائيليين نجحوا في جعل الموقف الأميركي أكثر تصلباً حيال كل من طهران ودمشق، ضاربين عرض الحائط بقدرات الولايات المتحدة الفعلية على إحداث تغيير في المعادلة الفعلية على الأرض.