strong>انقسام حول «الصناديق السيادية» وسط مخاوف من «تسييسها»
تحوّل اللقاء السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أمس، إلى منبر سياسي احتلت فيه الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط وباكستان وأفغانستان محور الاهتمام بعد يوم أول من محادثات هيمنت عليها هواجس ركود الاقتصاد الأميركي.
وفيما استغلّت القيادات الإسرائيلية المنتدى لحشد الدعم ضد إيران، حاول المسؤولون الأفغان والباكستانيون والعراقيون حشد الدعم لحكوماتهم المتحالفة مع الولايات المتحدة والمترنحة بين الاضطرابات وهجمات المتشددين الإسلاميين.
ودعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني رؤساء الدول والنخب الاقتصادية والفكرية التي حضرت الاجتماع إلى اتخاذ موقف «شخصي» من النظام الإيراني بسبب التهديد الذي يمثله. وشددت ليفني على أن «القوة السياسية والاجتماعية المجموعة هنا تقدر أن تشكّل المستقبل ومسار التاريخ». وأضافت «إذا قرر كل مجتمع هنا، وكل دولة ممثلة، سحب استثماراته من إيران، فيمكن ذلك أن يوقف إيران»، مشيرة إلى أن «إيران تصدّر الإرهاب، وتشيع عدم الاستقرار في المنطقة، وتنكر المحرقة النازية وتهدد بمحو إسرائيل، وطني، عن الخريطة...، إن التاريخ سيحكم علينا جميعاً».
بدوره، قال الرئيس الباكستاني برويز مشرف إن الديموقراطية في بلاده «تعود إلى مسارها»، وإن الانتخابات التي من المقرر أن تجري في 18 شباط المقبل ستكون «حرة ونزيهة». ووعد بأنه سيؤلّف حكومة «أياً كان الفائز».
وحثّ مشرّف الغربيين على رؤية «إنجازات حكومته» في الشأن الاقتصادي وتحسين أحوال الباكستانيين، داعياً إياهم إلى «عدم الحكم على بلاده انطلاقاً من الرؤية الغربية الأيديولوجية، وربما غير الواقعية، للديموقراطية وحقوق الإنسان».
وأضاف الرئيس الباكستاني، الذي التقى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على هامش المنتدى، «علينا مهاجمة القاعدة، علينا القضاء على القاعدة، وعلينا التعامل مع ميليشيا طالبان». لكنه شدد على أنه يجب تأمين «استقرار الوضع» في بلاده قبل أي عملية واسعة النطاق على العناصر المتشددة.
أمّا الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، فندّد بـ«تجارة» العمليات الانتحارية في بلاده، داعياً المجتمع الدولي إلى عملية كبرى من أجل تحرير المنطقة من «وباء الإرهاب». وتابع «الأمر ليس دينياً بتاتاً. إنه إجرام كامل يتجاوز كل ما يمكن أن نتخيله أو نسيطر عليه»، مضيفاً «لقد تحوّل إلى سوق».
وفي وقت سابق، ألقى النائب الأسبق للرئيس الأميركي آل غور كلمة مؤثرة تناول فيها التغيّر المناخي، محذّراً من أن «الأزمة المناخية أخطر بكثير وأسرع مما بيّنته التقديرات الأكثر تشاؤماً لمجموعة الخبراء الحكوميين حول تطور المناخ (جيبيك)». وأعلن غور «حالة طوارئ عالمية»، مشيراً إلى أن الجليد في القطب الشمالي قد يزول نهائياً في فصول الصيف في غضون خمسة أعوام. ودعا إلى فرض ضريبة على انبعاث الكربون قائلاً «إضافة إلى تغيير الإنارة، من المهم تغيير القوانين».
وفي الشأن الاقتصادي، سيطرت مسألة «الصناديق السيادية» (وهي شركات استثمار تديرها الحكومات) على النقاش في ظلّ تخوّف الدول الصناعية، ولاسيما الولايات المتحدة، من نموّها السريع الذي يضع قطاعات واسعة من الاقتصاد تحت رحمة حكومات أجنبية، معظمها في آسيا والخليج وروسيا.
وانقسم الحضور بين متشائمين حذروا من تأثير هذه الصناديق في إشاعة عدم الاستقرار في النظام النقدي الدولي وتدني الشفافية في عملها والمعارضة التي يلاقيها اقتراح إخضاعها لقوانين دولية موحّدة، فيما رأى آخرون أن هذه المخاوف مبالغ بها.
وأكد نائب وزير الخزانة الأميركي روبرت كيميت أن «نمو هذه الصناديق من حيث الحجم والعدد بشكل كبير يدعو إلى اليقظة»، بينما حذر وزير الخزانة الأميركي الأسبق لورانس سومرز من «خطر التسييس» الذي يطال الصناديق.
وجاء الرد الأبرز على لسان المدير المسؤول في الهيئة العامة للاستثمار في الكويت بدر السعد، الذي رأى أن «هناك الكثير من القلق تجاه الصناديق السيادية، لكن أسباب ذلك ليست موجودة. إنها إمّا افتراضات أو سوء تحليل»، مؤكداً «لم تكن هناك قط قرارات مفروضة سياسياً في استثماراتنا».
وتقدر الثروة التي تدار عبر الصناديق السيادية بـ3 تريليونات دولار من المتوقع أن ترتفع إلى 20 تريليون في غضون خمس سنوات، وتدير أكثر من 70 في المئة منها ستّ دول هي روسيا والصين والكويت وسنغافورة والإمارات والنروج. ويرى مراقبون أنها تؤدي دوراً أساسياً في دعم الاقتصاد الغربي المنكمش، حيث ضخت في الأشهر الأخيرة حوالى 60 مليار دولار في المصارف الغربية منذ بدء أزمة الرهونات العقارية الأميركية.
(رويترز، د ب أ، أ ب، أ ف ب، يو بي آي)