محمد بدير
بدا الارتباك واضحاً أمس على الموقف الإسرائيلي من التقرير الاستخباري الأميركي بشأن الملف النووي الإيراني، في ظل انقسام تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بين مشكك بصحة التقرير وداع إلى اتخاذه مبرراً لتشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إن «التقرير الأميركي عن البرنامج النووي العسكري الإيراني إنما يؤكد ويعزز فقط حاجة المجتمع الدولي إلى تشديد العقوبات على إيران وضمان ألا تتمكن من حيازة سلاح نووي». وأضاف أن تفاصيل التقرير كانت معروفة له قبل نشرها، وأنه ناقش ذلك مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لدى لقائه معهم في واشنطن في الأسبوع الماضي.
وإذ رأى أنه من الضروري، بموجب التقرير وبموجب الموقف الأميركي، مواصلة بذل الجهود من أجل منع إيران من الحصول على قدرات نووية عسكرية، أعلن أولمرت أن إسرائيل ستبذل جهدها مع الولايات المتحدة والعالم من أجل منع طهران من الحصول على أسلحة غير تقليدية.
وعلّقت مصادر سياسية إسرائيلية على التقرير بقولها إنه «في ضوء النتائج الجديدة، ستجد اسرائيل صعوبة في تبرير عملية عسكرية ضد ايران سواء من جانبها أو من جانب الولايات المتحدة». ورأت المصادر نفسها أن «التقرير يمثّل ضربة شديدة لسياسة اسرائيل التي تحاول إقناع العالم بأن المشكلة الإيرانية توجب إيجاد حلّ عاجل قبل أن تصل ايران الى نقطة اللا عودة».
وبحسب هذه المصادر، فإن الإدارة الأميركية «فقدت الإحساس بعامل السرعة والتصميم على مهاجمة إيران في عام 2008، وإن مثل هذا الهجوم لن ينفذ إلى حين نهاية ولاية بوش، وبدلًا من ذلك ستكتفي الولايات المتحدة بالعمل على فرض عقوبات شديدة على إيران».
وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الجنرال عاموس يدلين، قد قدّر قبل شهرين فقط، أن ايران ستتمكن من انتاج قنبلة نووية في عام 2009. وحاول مسؤولون أمنيون إسرائيليون تبرير الهوة الواسعة في التقدير بين الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية ونظيرتها الأميركية من خلال القول إنه لا فروق في المعلومات بل في تفسيرها، مشيرين إلى أن اسرائيل تفضّل دوماً الاعتماد على السيناريو الأسوأ.
من ناحيته، شكك وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بصحة التقرير الأميركي، ورأى أن إيران ماضية في مشروعها لإنتاج قنبلة نووية. وقال، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، إن «التقرير الاستخباري الأميركي غير مكتمل». وأضاف «يبدو أن إيران في عام 2003 أوقفت لبعض الوقت برنامجها للتسلح النووي، لكنها، في علمنا، استأنفته على الأرجح». وتابع «نتحدث عن مسار محدد مرتبط ببرنامجها (إيران) لتصنيع أسلحة، والذي انقطعت الصلة بينه وبين الاستخبارات الأميركية وربما استخبارات دول أخرى».
وقلل باراك من أهمية التقديرات التي ترجح أن يزيل التقرير الاستخباري الأميركي خيار الهجوم العسكري من جدول الأعمال الأميركي، قائلًا إنها (التقديرات) «ليست صحيحة بالضرورة». وأضاف «لا أعتقد أن علينا إجراء تقديرات كهذه حول موقف الولايات المتحدة»، وأن «مسؤوليتنا تحتم علينا التأكد من أن يتم تنفيذ الأمور التي من الصواب تنفيذها، وهناك أمور كثيرة يجب تنفيذها في الموضوع الإيراني، والحديث عنها بهذا الشكل الكبير، مثلما نفعل أخيراً، ليس بالأمر الصحيح فالكلمات لا توقف الصواريخ».
بدوره، رأى وزير البنية التحتية الإسرائيلي بنيامين بن اليعزر، العضو في الحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية، أن «التقرير الأميركي جيد ويؤدي إلى ابتسامة رضى، لكن من الجهة الأخرى فإن فرضية عمل دولة إسرائيل وجهاز الأمن هي أن إيران تسير فعلًا باتجاه هذا الأمر، أي إنتاج سلاح نووي، وهذا أحد المواضيع التي يحظر على دولة إسرائيل المخاطرة فيها».