الجزائر ـ حياة خالد
«زلزال» هزّ العاصمة مخلّفاً عشرات القتلى والجرحى والسلطات تتّهم «قاعدة المغرب»


استفاق الجزائريون أمس على وقع تفجيرين انتحاريين هزا العاصمة الجزائرية بفاصل زمني لا يتجاوز عشر دقائق، وخلفا عشرات القتلى والجرحى، في موجة جديدة من الأعمال الإرهابية حمّلت السلطات الجزائرية مسؤوليتها لتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي».
وأدى الانفجار الأول إلى تضرر المجلس الدستوري والمجلس الإسلامي الأعلى التابع للرئاسة الجزائرية، وفندق كبير كان يحتضن اجتماعاً للقضاة. وتحدثت الأنباء المتضاربة عن مقتل 67 شخصاً على الأقل فيه.
أما الانفجار الثاني فنفذ أيضاً بسيارة مفخخة أمام مقر المفوضية العليا للاجئين التي يعمل فيها 65 عاملاً، معظمهم أجانب، ما أدى إلى انهيار جزء هام من المبني. وأعلنت المصادر الجزائرية مقتل 12 أجنبياً في حصيلة أولية في ظل تواصل عملية البحث عن الجثث تحت الأنقاض.
وأعلن وزير الداخلية يزيد زرهوني سقوط 22 قتيلاً و117 جريحاً في الاعتداءين اللذين استهدفا المجلس الدستوري والمحكمة العليا في بن عكنون، ومقر المفوضية العليا للاجئين في حي حيدرة. وأضاف أن 12 من موظفي الأمم المتحدة قتلوا في التفجير، وأصيب 3 منهم بجروح، هم لبنانية وسنغاليان.
ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن التفجيريين، اتهم زرهوني تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، الذي نفذ تفجيرات دموية مماثلة في الجزائر منذ مطلع العام الجاري، بالوقوف وراء الاعتداء. وكان هذا التنظيم يعرف سابقاً باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال قبل أن ينضم إلى تنظيم «القاعدة» في كانون الثاني.
وقال مدير الدفاع الوطني لولاية العاصمة الجزائرية محمد تيغرستين «إن من بين القتلى موظفين يعملون في ممثلية منظمة الأمم المتحدة في الجزائر ومن السكان المجاورين والمارة».
وجراء التفجيرين، ألغت الحكومة الجزائرية اجتماعها الأسبوعي، وانتقل بعض أعضائها إلى مكان التفجيرين والمستشفيات لتفقد الجرحى.
وندد وزير الداخلية ورئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم بالتفجيرين، ووصفاهما بـ«العمل الجبان الذي استهدف أبرياء عُزَّل ويريد ضرب مسار المصالحة الوطنية وإعادة سيناريو الإرهاب».
وفي السياق، قال المحامي عامر رخايلة، وهو يقف أمام واجهة المجلس الدستوري المنهارة، إن ما حصل «كان أشبه بالزلزال»، الذي أحدث حفرة في الأرض يبلغ قطرها عدة أمتار، وأدى إلى انهيار عشرات الأبنية.
وقال صاحب محل تجاري مجاور: «رأيت رجال الإغاثة يخرجون من المجلس الدستوري حاملين أكياساً تحتوي على أشلاء بشرية». وأضاف، لوكالة «فرانس برس»، إن «الإرهابيين جعلوا من الحادي عشر موعداً رمزياً، من الآن فصاعداً لن أخرج من منزلي في الحادي عشر من كل شهر». وهو يشير بذلك إلى اعتداءات الحادي عشر من نيسان على قصر الحكومة ومركزي شرطة في ضاحية العاصمة، واعتداء الحادي عشر من حزيران على ثكنة الأخضرية شرق العاصمة.
ومرة أخرى تصر السلطات الجزائرية على التعتيم على الحصيلة النهائية للعمليات الانتحارية التي يتبناها فرع القاعدة في بلاد المغرب، وترى فيها دليلاً على ضعف هذه الجماعة التي لم تعد تستطيع مواجهة الجيش الوطني الشعبي الذي يحاصرها في مختلف المناطق، حيث تم فُكِّكَت شبكات عديدة كانت تخطط للقيام بعمليات إرهابية.
كما أكدت مصادر رسمية أخيراً تراجعاً قياسياً للاعتداءات الإرهابية. وفسرت أوساط متابعة للملف الأمني في الجزائر هذا التراجع «بقدرة قوات الأمن على تضييق الخناق على معقل التنظيم الإرهابي والتمشيط وتفكيك جماعات الدعم والإسناد بالإضافة إلى القضاء على رؤوس كبيرة في التنظيم وإلقاء القبض على أخرى، فيما سلم بعضهم نفسه في إطار المصالحة الوطنية على غرار مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب، ما جعل التنظيم المسلح ينقسم ويفكر معظمهم في تسليم نفسه نظراً للإغراءت التي تقدمها الدولة في إطار المصالحة الوطنية».
وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بالعمليتين الإرهابيتين من الأمم المتحدة وفرنسا وواشنطن وإسبانيا، التي عبرت عن مساندتها للجزائر في «مكافحة الإرهاب الذي أصبح خطراً يهدد العالم».
بدوره، دان الاتحاد الأوروبي الاعتداء، معرباً عن رغبته في مساعدة الجزائر على التوصل إلى «مصالحة كاملة».