غزة ــ رائد لافي
هنية يقسم على رفض أي حوار مشروط مع «فتح»: لن نعترف بإسرائيل

نجحت حركة «حماس» في استحقاق الجماهيرية، بعدما حولت الاحتفال بذكرى انطلاقتها العشرين، إلى استفتاء شعبي، في ظل حديث عن «تآكل» شعبيتها خلال الأشهر الستة الماضية من سيطرتها على قطاع غزة.
وحشدت حركة «حماس» ما يقارب 400 ألف من أعضائها وأنصارها، في مهرجان في ساحة الكتيبة التي شهدت في 12 من الشهر الماضي مهرجاناً لأنصار حركة «فتح» وفصائل منظمة التحرير، إحياءً للذكرى السنوية الثالثة لرحيل الزعيم ياسر عرفات.
واكتست شوارع غزة وميادينها باللون الأخضر، الذي يمثل شعار حركة «حماس»، قبل ساعات من بدء المهرجان، الذي شارك فيه قادة من حركة «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة» و«الصاعقة» و«ألوية الناصر صلاح الدين»، فيما قاطعته حركة «فتح» وفصائل منظمة التحرير.
وعلمت «الأخبار» أن حركة «حماس» استنفرت كل دوائرها ومؤسساتها منذ «مهرجان ذكرى عرفات»، للرد عليه بمهرجان أوسع جماهيرية. وقالت مصادر قريبة من «حماس» إن «تعميماً داخلياً» وصل إلى كل أعضاء الحركة في قطاع غزة، للمشاركة بقوة في المهرجان، ودعوة دائرة الأقارب والأنصار والجيران للحضور والمشاركة.
وكشفت المصادر نفسها، لـ«الأخبار»، عن أن حركة «حماس» استثنت أعضاء ذراعها العسكرية كتائب «عز الدين القسام» ونشطاءها من الحضور وعممت عليهم ضرورة عدم ترك أماكنهم في مدنهم، خشية استغلال قوات الاحتلال انهماكهم في المهرجان وتنفيذ عملية عسكرية مباغتة.
واستغلت «حماس» المهرجان لتجديد مواقفها من قضايا الحوار الداخلي بلا شروط مسبقة، ورفض الاعتراف بالدولة العبرية، والتمسك بالمقاومة خياراً استراتيجياً، مؤكدة «قدرة الشعب الفلسطيني على إطلاق انتفاضة ثالثة ورابعة حتى تحقيق النصر».
وفي موقف حازم، أقسم رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية على ألّا يقبل أي حوار مشروط مع حركة «فتح» والرئيس محمود عباس. وقال، بصوت هادر تجاوبت معه حشود «حماس» بالتهليل والتكبير تأييداً ومبايعة: «نحن مع الحوار وندعو إليه ورحبنا بكل الوساطات، لكن باب الحوار مغلق، ونقول: حوار على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ومن دون شروط».
واستدل هنية على تمسك حركة «حماس» بثوابتها ومواقفها بأنها «تعرضت للعديد من الإغراءات، من بينها فتح باب البيت الأبيض أمامها في مقابل التنازل». ورأى مناسبة ذكرى انطلاقة «حماس» فرصة ثمينة «لإطلاق مسيرة المصالحة والوفاق الوطني»، مجدداً رفض حركة «حماس» الاعتراف بالدولة العبرية، أو تقديم تنازلات في قضايا القدس واللاجئين والأسرى والثوابت الفلسطينية.
وتوعّد القيادي في «حماس»، أسامة المزيني، قوات الاحتلال بدفع «ثمن باهظ» في حال إقدامها على تنفيذ تهديداتها باجتياح القطاع. وقال، مخاطباً «كتائب القسام» وفصائل المقاومة، إن «الاحتلال الجبان لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يعرف إلا لغة البارود فخاطبوه باللغة التي يعرفها». وتعهد أن يبقى الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في الأسر، قائلاً: «لن يرى شاليط النور إلا إذا رآه أسرانا البواسل في سجون الاحتلال».
وركز القيادي في «الجهاد الإسلامي»، محمد الهندي، في كلمته، على عملية التسوية السياسية، ودعا «الرئيس عباس وفريقه إلى وقف المفاوضات مع العدو الصهيوني». وامتدح حركة «حماس» قائلاً إنها «منذ انطلاقتها لم تشكل إضافة كمية لفصائل العمل الوطني، بل إضافة نوعية مهمة باعتبارها أهم تجربة تربط جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة مباشرة دامية مع الكيان الغاصب لفلسطين».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، قد استبق المهرجان بكلمة متلفزة، شدد خلالها على أن «الشعب قادر على أن يطلق انتفاضة ثالثة ورابعة حتى يأتينا فجر الانتصار». وقال إن «من يظن أن حماس في مأزق فهو واهم. نفسنا طويل، لكننا من أجل الوطن لا بد أن نتوحد». ولمّح إلى فريق عباس وحكومة سلام فياض بقوله إن «من يظن أن شعبيته تأتي من الدعم الدولي هو واهم، فالشرعية هي الشعب».
وفي ردّ على شروط هنية، قال المتحدث باسم «فتح»، فهمي الزعارير، إن حركته «لن تتراجع عن الإجماع الوطني وشروطه لبدء الحوار». وقال: «إن إسماعيل هنية بقوله وقسمه يضع شرطاً لن يتحقق، بل هو المستحيل ذاته».
بدوره، قلل القيادي في «فتح»، جمال نزال، من أهمية مهرجان «حماس». وقال، في بيان: «إن حماس وجهت تهديدات بالجلد وقطع الراتب لكل عنصر يتخلف عن جلب عائلته إلى ساحة الكتيبة». وأضاف: «إن مراقبينا أكدوا خلو الشوارع المجاورة، وكذلك أسطح الأبنية المجاورة من أي حضور جماهيري وأن الارتياح يعم فتح من ناحية أن العدد الذي شارك في المهرجان كان الأقل منذ عام 1997 بسبب نفور الناس من سياستها».
ميدانياً، ذكرت مصادر أمنية فلسطينية وشهود عيان أن قوات الجيش الإسرائيلي شنت حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية اعتقلت خلالها 25 من أبرز قيادات ومقربي حركة «حماس»، بينهم النائب في المجلس التشريعي أحمد الحاج علي.