طهران ــ محمد شمص
“المعتدلون العرب” يريدون إعادة إيران إلى “حجمها الطبيعي”

في وقت يتصاعد الحديث عن إمكان شن واشنطن لضربة عسكرية على منشآت إيران ومفاعلاتها النووية قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية على أبعد تقدير، تتركز الجهود الدبلوماسية الحالية لطهران على التشكيك بمجلس الأمن الدولي وشرعية قراراته.
وتعتقد إيران أن للمواجهة بعداً آخر يسعى أعداؤها لإقحامه فيها، وهو لا يقل أهمية عن الضربة العسكرية وآثارها وتداعياتها، وقد يكون أكثر خطورة وإيلاماً، في إشارة إلى أن الفتنة السنية الشيعية، وفقاً لاعتقاد بأن العمل جار على نقل وجهة المعركة بين واشنطن وطهران، لتكون بين إيران ودول عربية كالسعودية ومصر والأردن، أو ما بات يعرف بالحلف العربي ــ الأميركي المعتدل.
وأفادت مصادر إيرانية مطلعة، لـ«الأخبار»، بأن مسؤولين سعوديين أكدوا خلال محادثات مع مسؤولين إيرانيين، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن «قدرات إيران ونفوذها تضاعف واتسع وكبر وتعدى الموازين والمعادلات، إذ باتت دولة نووية وقوة إقليمية كبرى ذات نفوذ كبير في المنطقة، ولا سيما في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان وفلسطين»، مشيرين «إلى علاقاتها الاقتصادية والتجارية وتحالفاتها الدولية». وأضاف المسؤولون السعوديون أن إيران «تشكل خمسة في المئة فقط من العالم الإسلامي، ما يستدعي أن تعود إلى حجمها الطبيعي، نظراً إلى عدد سكانها وإلى حجم الطائفة التي تنتمي إليها في مقابل الدول العربية والإسلامية ذات اللون المذهبي المختلف».
في هذا الوقت، اقترحت طهران أمس تخصيص مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي للدول الإسلامية يتمتع بحق النقض (الفيتو). وقال وزير الخارجية منوشهر متكي: “إن الهيكلية الحالية للأمم المتحدة ووجود عدد من الدول فيها تمتلك حق النقض هي هيكلية غير عادلة، وإن هذا الوضع يجب إصلاحه على وجه السرعة”، مضيفاً أنه، “حتى يتم إصلاح هيكلية الأمم المتحدة، فإنه يقترح تأسيس مقعد في مجلس الأمن يتمتع بحق النقض يخصص للدول الإسلامية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي ليعبر عن وجهات نظر هذه الدول ويدافع عنها في المجال العقائدي والمصالح العاملة لهذه الدول”.
من جهة أخرى، أشار القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، اللواء محسن رضائي، إلى «وجود محاولات أميركية دؤوبة لاستدراج إيران إلى الحرب والزج بالمزيد من الذرائع والحجج لإقناع الرأي العام الدولي ومجلس الأمن بضرورة هذه الضربة لإيران».
إلا أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قال أمس إن الولايات المتحدة لا تخطط لحرب مع إيران. وأضاف: «أوضح الرئيس (جورج بوش) ووزيرة الخارجية (كوندوليزا رايس) وأوضحت أنا، أننا لا نخطط لحرب مع إيران».
في هذا السياق، قال إمام جمعة طهران المؤقت، أحمد خاتمي، في خطبة صلاة الجمعة أمس، “يجب أن يعلم الأميركيون بأن تهديداتهم ضد الحكومة والشعب الإيراني أصبحت بالية وأن الشعب الإيراني لا يكترث بها”، مشيراً إلى التهديدات التي أطلقها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، نيكولاس بيرنز، ضد إيران.
واتهم خاتمي بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية بالمساهمة في التحريض بين المسلمين، وخاصة ضد إيران. وقال إنه لا يوجد أي فتوى صدرت عن عالم أو مرجع ديني شيعي تجيز قتل سني، متحدياً العالم كله “بأن يأتي بمثل هذه الفتاوى الموهومة التي صنعتها هذه الأبواق الإعلامية فقط عبر تزوير الحقائق”.
أما في تطورات الملف النووي (أ ف ب، يو بي آي)، فقد نفى مسؤول إيراني أمس أن تكون بلاده فرضت أي قيود على عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو باشرت تجميع أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع تخصيب اليورانيوم في ناتنز (وسط).
وقال المسؤول، طالباً عدم كشف اسمه، إن طهران سمحت بتركيب كاميرات مراقبة تابعة للأمم المتحدة في الموقع المذكور، نافياً معلومات ذكرها دبلوماسيون في فيينا، حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تفيد بأن إيران رفضت السماح لمفتشي الأمم المتحدة بتركيب كاميرات في قسم تحت الأرض في المجمع المذكور.
ونفى المسؤول أيضاً معلومات أوردتها مصادر دبلوماسية قريبة من الوكالة الدولية أول من أمس، أكدت فيها أن إيران باشرت تجميع ثلاثة آلاف جهاز للطرد المركزي في موقع تحت الأرض في محطة ناتنز. وقال: “لم نبدأ تثبيت الطاردات المركزية الجديدة”.