رام الله ــ الأخبار
آلاف الفلسطينيين يعتصمون احتجاجاً وفصائل المقاومة تحذّر من المس بـ“الأقصى”

حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي القدس المحتلة أمس إلى ثكنة، وفرضت إجراءات عسكرية وأمنية مُشددة داخل البلدة القديمة وفي محيط المسجد الأقصى على طول شارع الواد وسوق القطانين لمنع الحشود البشرية التي وصل منها نحو عشرة آلاف شخص، الرامية إلى منع إسرائيل من هدم طريق باب المغاربة وغرفتين ملاصقتين للأقصى من أجل بناء جسر علوي جديد في منطقة الجدار الجنوبي.
وذكرت مصادر محلية في القدس المحتلة، لـ“الأخبار”، أن سلطات الاحتلال أغلقت العديد من الطرق والشوارع الرئيسية في المدينة، في محاولة لوقف تدفق المواطنين إلى بوابات البلدة القديمة خلال توجههم إلى الأقصى.
ومنعت سلطات الاحتلال الطواقم الإعلامية من التصوير داخل منطقة باب المغاربة، التي تحوّلت إلى جبهة حربية بوجود عشرات الآليات العسكرية ومئات الجنود المُدججين بالسلاح.
وأفاد شهود عيان بأن آلافاً من رجال الشرطة الإسرائيلية وأفراد حرس الحدود انتشروا بشكل مكثف حول أبواب المسجد الأقصى ومداخله منذ الصباح الباكر وشرعوا في التدقيق في هويات المصلين الداخلين إليه وتسجيلها في سجلات خاصة بهم.
وشدد مدير المسجد الأقصى، عدنان الحسيني، على أن سلطات الاحتلال تمنع آلاف المواطنين القادمين من الضفة الغربية والقرى والبلدات المحيطة بالقدس من الوصول إلى المسجد الأقصى بحجة أنهم يحملون هويات الضفة الغربية، وأن سلطات الاحتلال تحظر عليهم الدخول إلى المدينة المحتلة، بمن فيهم الشيوخ والمسنون.
ورغم الإجراءات الإسرائيلية، شارك أكثر من عشرة آلاف فلسطيني في صلاة الظهر في المسجد الأقصى أمس.
ورأى رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين 1948، الشيخ رائد صلاح، أن إسرائيل تستفيد من الاقتتال الفلسطيني بين حركتي “فتح” و“حماس” للقيام بأعمال حفر تحت المسجد الأقصى. وقال إن “الاحتلال الإسرائيلي ما كان ليتجرأ ويضاعف الحفر تحت المسجد الأقصى ويعرضه لمخاطر جمة من حفر ومشاريع احتلالية وسياسة تهويد، لولا اشتعال نار الفتنة بين الفلسطينيين”. وإضاف “إن الحفريات التي تجري تحت المسجد الأقصى تهدده، وقد اعتزمت سلطات الاحتلال اليوم هدم التلة الترابية في باحة المغاربة المؤدية إلى المسجد الأقصى، وهي وقف ومعلم إسلامي وعربي، لكن ذلك لم يحصل”.
وتابع صلاح: “تحت هذه التلة، وفي داخل حائط البراق، توجد غرفتان متداخلتان وهدمهما سيؤدي إلى الوصول إلى مسجد البراق، وهو داخل رحاب المسجد الأقصى، الأمر الذي سيتيح لأي متطرف يهودي الهجوم أو الدخول إلى المسجد الأقصى”.
وطالب قاضي قضاة فلسطين، الشيخ تيسير التميمي، “العرب والمسلمين في العالم بالتحرك سريعاً، من أجل وقف الإجراءات الإسرائيلية التهويدية الرامية إلى هدم المسجد الأقصى”. وأوضح أن حكومة إيهود أولمرت “أصدرت الأمر للجرافات الإسرائيلية بأن تبدأ بهدم التلة القريبة من باب المغاربة، ما سيسهم في زعزعة أساساته وتعريضه لمخاطر التقويض والانهيار”.
ودعا رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة، أحمد بحر، جامعة الدول العربية ورابطة العالم الاسلامي والبرلمانيين العرب والمسلمين إلى عقد اجتماعات طارئة لرفض هذا “الإجراء والعدوان ضد مقدسات المسلمين والمسجد الأقصى”.
ورأت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محاولة إسرائيل هدم الطريق الواصل للمسجد الاقصى “تطوراً خطيراً واستغلالاً للظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني”. وقال القيادي في الحركة، خالد البطش، إن “إسرائيل عودّتنا دائماً أن ترتكب المجازر ثم تتعامل مع ردود الفعل بشكل من أشكال التعامل الذكي ونحن متأكدون من أن إسرائيل ستقدم على مثل هذه الخطوات” الخاصة بهدم الطريق.
وحمّلت كتائب الأقصى، في بيان، “الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة في حال أي اعتداء أو إلحاق الأذى بالمسجد الأقصى المبارك”. ورأت أن “أي مساس بالمسجد الأقصى خط أحمر، ستكون عواقبه قاسية على دولة الكيان المسخ واستهداف الصهاينة مباح لنا في كل مكان”.
وحذّرت “كتائب القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس”، أن ردها سيكون قاسياً وغير مسبوق في حال مساس إسرائيل بالمسجد الأقصى. وأضافت، في بيان، “إن المسجد الأقصى كان ولا يزال الخط الأحمر الذي كلما اقترب الصهاينة منه احترقوا”.
ورأت “أن التهويد والتلاعب الخبيث بمدينة القدس والمسجد الأقصى بمثابة الإنذار الأخير للأمة الإسلامية قبل أن يهدم الأقصى، لأن اليهود يهدمونه فعلياً وسط هذا الصمت الرهيب من قبل زعامات الدول العربية والإسلامية”.
وفي السياق، حذر الملك الاردني عبد الله الثاني من “أي مساس بالمقدسات الإسلامية” في القدس المحتلة، معرباً عن إدانته للمحاولات الاسرائيلية التي “تستهدف تغيير طبيعة هذه الأماكن وطمس معالمها الإسلامية”.
ودان عبد الله الثاني، خلال استقباله نواباً عرباً في الكنيسيت الإسرائيلي، “بشكل خاص المحاولات الإسرائيلية هدم طريق باب المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى باعتبار أن ذلك الطريق جزء لا يتجزأ من المسجد”.
وكان الأمين العام للجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس، عبد الله كنعان، قال إن حكومة بلاده تجري اتصالاتها مع إسرائيل لوقف بناء الجسر العلوي. وشدد كنعان على اعتبار التلة الترابية وباب المغاربة “وقفاً إسلامياً وتاريخياً لا يجوز لإسرائيل الاعتداء عليه”.
وحذر المسؤول الأردني إسرائيل من خطورة العبث بالأوقاف الإسلامية في القدس مهما كانت الذرائع والمبررات. وقال إن “اعتداء إسرائيل على الأوقاف الإسلامية في القدس هو اعتداء على السيادة الأردنية وخرق لكل القرارات والمواثيق الدولية التي تعتبر القدس مدينة محتلة لا يجوز لدولة الاحتلال أن تغير في وضعها الديموغرافي أو الجغرافي”.


الاحتلال الاسرائيلي ما كان ليتجرأ ويضاعف الحفر تحت المسجد الأقصى ويعرضه لمخاطر جمة من حفر ومشاريع احتلالية وسياسة تهويد، لولا اشتعال نار الفتنة بين الفلسطينيين