موسكو تدعو واشنطن إلى إبداء مرونة تجاهها وباريس تؤكد عدم وجود حل عسكري
جددت طهران أمس بث إشارات إيجابية تجاه الدول الغربية في ما يتعلق بتسوية ملفها النووي، بالتأكيد على أن “باب التفاوض لا يزال مفتوحاً”، في وقت طالبت فيه موسكو واشنطن بإبداء مرونة في هذا الصدد، فيما جددت باريس التأكيد على أن لا حل عسكرياً.
وقال رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إن إيران “ستزيل العوائق” التي تعرقل المفاوضات مع الولايات المتحدة إذا أبدت واشنطن حسن نيةونقلت وكالة “ارنا” عن الرئيس الإيراني الأسبق قوله إن “العقبة الأساسية المهمة في طريق تأسيس العلاقات هو توجه الهيمنة لدى الولايات المتحدة في التعاطي مع البلدان الأخرى”.
وقال مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية، الدكتور علي أكبر ولايتي، في مقابلة أجراها في طهران مراسل صحف “ليبراسيون” الفرنسية و“لا ريبوبليكا” الإيطالية و“لوتامب” السويسرية، إن الغرب طالب خلال السنوات الماضية بتعليق التخصيب، وإن إيران قبلت بذلك لمدة عامين ونصف العام على أمل إيجاد حل للقضية و“هذا مُعطىً يبين أن التعليق لم يكن أمراً محظوراً بالنسبة لإيران”. وأضاف: «نحن لا نرغب في الطاقة النووية العسكرية، لكن على الجميع أن يدرك، وأشدد على هذا، أن حقنا في الطاقة النووية المدنية خط أحمر سندافع عنه بلا هوادة».
وأشاد ولايتي، من جهة أخرى، بمقاومة حزب الله ودفاعه عن لبنان في مواجهة العدوان الصهيوني، مشيراً إلى أن «حزب الله يدافع عن جميع فئات الشعب اللبناني، بمن فيهم المسيحيون والمسلمون شيعة وسنة”.
وبخلاف تصريحات سابقة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تشككت في المحرقة، اعترف ولايتي بها “حقيقة تاريخية”، لكنه أضاف: “لكننا لا نقبل بأن تستغل هذه الحقيقة لتبرير قمع الفلسطينيين”، مشيراً إلى أن “من الممكن التساؤل عن عدد ضحايا هذه الإبادة من دون التشكيك في حصولها”.
وفي موسكو، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة إلى إبداء “مرونة” مع إيران مثلما هي عليه الحال مع كوريا الشمالية.
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي أمس “إن السلطات الأميركية العليا أكدت مراراً في الأيام الأخيرة أن الخيار العسكري ليس وارداً (ضد إيران)”. وأضاف: “ليس لدينا بالتأكيد سبب واحد للتشكيك في هذه التصريحات”. وكرر دوست بلازي القول “إن قناعتنا هي أنه لا يوجد حل عسكري للازمة النووية الإيرانية”.
وتابع دوست بلازي أن القادة في طهران منقسمون بشأن الطريقة التي يعالج بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الملف النووي، ما أثار الأمل في أن المفاوضات يمكن أن تثمر في نهاية المطاف.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أمس أن السفير السويسري لدى طهران، تيم غولديمان، الذي تقوم بلاده بخدمة المصالح الأميركية في إيران منذ عام 1979، أبلغ المسؤولين الأميركيين في العام 2003 أن عرضاً إيرانياً لإجراء مباحثات شاملة مع الولايات المتحدة خضع لمراجعة وموافقة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي والرئيس الإيراني آنذاك محمد خاتمي ووزير الخارجية كمال خرازي.
وبعث غولديمان، بحسب الصحيفة نفسها، برسالة مرفقة بالعرض الإيراني إلى وزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 4 أيار 2003. وتضمن العرض، المؤلف من صفحة واحدة كتب عليها “خريطة الطريق”، الأهداف الإيرانية والأميركية من المفاوضات المحتملة، مثل “إنهاء الدعم الإيراني للمقاتلين الذين يحاربون إسرائيل واتخاذ تدابير ضد المجموعات الإرهابية على الأراضي الإيرانية والقبول بحق إسرائيل في الوجود”.
وأشارت الصحيفة إلى أن رسالة غولديمان والعرض الإيراني أثارا جدلاً في أوساط المسؤولين عن السياسة الخارجية عما إذا كانت إدارة الرئيس جورج بوش فوتت على نفسها فرصة تحقيق “صفقة كبرى” مع إيران قبل 4 سنوات، في وقت بدت فيه واشنطن في قمة قوتها عقب غزو العراق، ولم تكن إيران قد توصلت إلى فك أسرار تخصيب اليورانيوم.
وسئلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عن الوثيقة في الأسبوع الماضي أمام الكونغرس، فقالت إنها لا تتذكر أنها شاهدت هذه الوثيقة في ذلك الوقت عندما كانت مستشارة الرئيس بوش لشؤون الأمن القومي. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية توم كايسي قال أول من أمس إن “هذه الوثيقة لم تصل من خلال القنوات الرسمية، بل كانت مجرد تمرين خيالي مارسه السفير السويسري”.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب، مهرنيوز)