واشنطن ــ محمد سعيد
«نجلب المهارات التي شحذها عملاء الاستخبارت على مرّ الزمن»

وسّعت الشركة الأمنيّة الأميركيّة الخاصّة، «بلاك ووتر»، خدماتها. فإلى جانب توفير مئات المرتزقة للعمل مع قوّات الاحتلال في العراق وأفغانستان، بدأت تعمل على تقديم خدمات تجسّس واستخبارات تتناول الكوارث الطبيعية، وأعمال الحكومات الصديقة للولايات المتحدة، والتطوّرات السياسية العالميّة لزبائن في المجالين الصناعي والحكومي.
والإطار الجديد للعمليّات، الذي أُطلق عليه اسم «حلول استخبارية كاملة» (توتل إنتل)، يتضمّن قيام «بلاك ووتر» بتجنيد حشد من الجواسيس السابقين ومسؤولين كبار من وكالات مثل «وكالة الاستخبارات المركزية» «سي آي إيه» والاستخبارات العسكرية، يعكسون سجلّ المسؤولين العسكريّين السابقين الذين يديرونها.
فالشركة يرأسها المنسّق العام السابق لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، كوفر بلاك، المعروف بدوره الطليعي في العديد من البرامج المثيرة للجدل للـ«سي آي إيه»، بما في ذلك رحلات تسليم المعتقلين والتحقيق مع المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»، واعتقال بعضهم في سجون سريّة. أمّا المدير التنفيذي للشركة، فهو روبرت ريتشر، نائب مدير الـ«سي آي إيه» لشؤون العمليّات، الذي أدار عمل الوكالة في العراق.
و«حلول استخبارية كاملة» واحدة من عدد من الشركات التي تعرض خدمات استخبارية، مثل تحليل المخاطر للشركات والحكومات. وبسبب سجلّها وارتباطها بمالكها إريك برينس، المليونير الذي عمل سابقاً في البحرية الأميركية، فإنّ اندفاع «بلاك ووتر» إلى هذا العالم يسلّط الضوء على الخيوط غير الواضحة بين الحكومة والصناعة والنشاطات المحجوزة لعملاء يعملون في الظلّ.
صحيفة «واشنطن بوست» أشارت إلى أنّ ريتشر، تربطه علاقات بالملك الأردني عبد الله الثاني. وكانت الـ«سي آي إيه» قد أنفقت الملايين على تدريب عناصر جهاز الاستخبارات العامّة الأردنية، في مقابل الحصول على معلومات. وسبق للمدير السابق للوكالة، جورج تينيت، أن قال في مذكّراته «نحن خلقنا المخابرات العامّة الأردنية ونموّلها ونملكها»، والآن تقوم «بلاك ووتر» بتدريب القوّات الخاصّة الأردنية.
ونقلت الصحيفة عن ريتشر قوله: «كوفر (بلاك) يمكنه أن يفتح الأبواب، وأنا أستطيع فتح الأبواب. عموماً يمكننا الدخول لرؤية من نريد رؤيته. نحن لا ندفع الرشى. نفعل كلّ شيء في إطار القانون، لكن يمكننا التعامل مع الوزير أو الشخص المناسب». أما بلاك، فيوضح من جهته: «في توتل إنتل نجلب المهارات التي شحذها عملاء الاستخبارت الأميركيّة على مرّ الزمن، مباشرة إلى غرفة الهيئة».
ويقع مقرّ الشركة، التي أطلقها بلاك في شباط الماضي، في جناح في الطابق السابع من برج في بالستون، نُظّم على طراز مركز مكافحة الإرهاب الذي أداره بلاك في السابق، حيث يجلس محلّلون في مقصورات في وسط الغرفة، فيما تتوزّع مكاتب زجاجية على الأطراف. ويجلس حفنة من المحلّلين في العشرينيّات أو الثلاثينيّات من أعمارهم خلف كومبيوترات يتابعون المواقع والصحف وغرف «الدردشة». والغرفة مُنارة بأضواء خافتة، فيما رُكّزت على الجدران ثلاث شاشات تلفزيونية كبيرة، بينها واحدة ضبطت على قناة «الجزيرة».
وأُطلق على الغرفة اسم «مركز الانصهار العالمي»، ويجري العمل فيها على مدار الساعة، حيث يبحث المحلّلون عن إنذارات عن أي شيء يبدأ من «المؤامرات الإرهابية» على المواقع الإسلامية المتطرفة، مروراً باحتمالات التمرّد السياسي في آسيا، وصولاً إلى الاضطرابات الاقتصادية التي يمكن أن تؤثّر على أعمال الشركات.