strong>الوضع في باكستان، الذي بات على أبواب «انتفاضة» شعبية، وعدت المعارضة بإطلاقها غداً، يثير قلق الإدارة الأميركية وإسرائيل، اللتين بدأتا الاستعداد لسيناريوهات «انقلاب الإسلاميين» على نظام برويز مشرف، ووضع يدهم على القنبلة النووية
احتل القلق الإسرائيلي ـــــ الأميركي من الوضع الباكستاني أمس صدر الصفحة الأولى من صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، التي أشارت إلى أن الجهات الأمنية في الدولتين تخشى احتمال سيطرة الحركات الإسلامية على الحكم في إسلام آباد.
ونقلت الصحيفة عن رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية سابقاً، جورج تينيت، الذي يزور إسرائيل حالياً، قوله «لو كنت أعمل في الإدارة الأميركية اليوم، لكان السؤال الأول الذي سأطرحه، أين يحتفظ مشرف بالمواد المشعة التي يسلّح القنابل النووية بها؟»، موضحاً أنّ واشنطن تعرف مكان الأسلحة والصواريخ، ولكنها ليست واثقة من مكان المواد الانشطارية.
أما المستشار السابق للرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش لشؤون الشرق الأوسط، بروس رايدل، فأعلن أنه «إذا حدث انقلاب إسلامي وسيطرت القاعدة على سلاح نووي، فإن «الهدف الأول للهجوم لن تكون الولايات المتحدة، وإنما إسرائيل».
وكتب محرر الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رونين برغمان، أن «إسرائيل تراقب عن بُعد، وبقلق كبير، ما يحدث في باكستان، لكنها لا تستطيع عمل شيء، لأن واشنطن مارست ضغوطاً على الاستخبارات الإسرائيلية طوال السنوات الماضية لمنعها من التدخل في باكستان»، التي وصفها بأنها «الطفل المدلل» لواشنطن. وأشار إلى أن الخطر الذي تمثّله باكستان يكمن في قنبلتها النووية. وخلص إلى أن سقوط نظام إسلام آباد أو تقسيم كعكة الحكم من شأنه أن يمثّل تهديداً مباشراً لسلامة المنطقة والعالم برمته.
وفي السياق نفسه، ارتفعت أصوات داخل واشنطن تحثّ الإدارة على التحرّك ومساندة «القوى الديموقراطية» في إسلام آباد، قبل فوات الأوان. وشبّهت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس، الحالة التي تعيشها إسلام آباد اليوم بما شهدته طهران قبل نحو ثلاثين عاماً، حيث كان الشاه آنذاك ديكتاتوراً وحليفاً لواشنطن، شأنه في ذلك شأن برويز مشرف اليوم، ولكن مع الفارق أن باكستان تملك «القنبلة النووية». فما أخطأت به الإدارة الأميركية حينها لا مجال لتكراره اليوم، لأن عواقبه ستكون مدمرة. إلا أن الصحيفة نفسها أشارت إلى فارق بين المعارضتين الإيرانية والباكستانية. ففيما «المعارضة إبان حكم الشاه رفعت شعار العداء لأميركا والقضاء على إسرائيل، فإن غالبية المعارضة الباكستانية التي تتحرّك في الشارع اليوم ليست من القاعدة، بل من القوى المعتدلة، وبعضها حليف للإدارة الأميركية». وتابعت الصحيفة أنه «من الأفضل لواشنطن أن تدعم الديموقراطيين شأن (رئيسة الوزراء السابقة بنازير) بوتو، والضغط على مشرف لإعادة العمل بالدستور وإجراء انتخابات ديموقراطية».
في هذا الوقت، وجهت بوتو دعوتين؛ الأولى، إلى الدول الغربية للتخلّي عن حليفها، ودعم «الديموقراطية»، والثانية إلى الباكستانيين الذين دعتهم إلى «انتفاضة» شعبية ابتداءً من الغد لاستعادة الديموقراطية.
ودعت بوتو، في مقال في صحيفة «نيويورك تايمز»، «العالم الديموقراطي»، حليف مشرف، إلى «حسم خياراته بدعم القوى الديموقراطية أو الوقوف إلى جانب الديكتاتور». وطلبت من الرئيس الأميركي جورج بوش أن يفي بما وعد به حين قال: «فليعلم من يعيش في ظل الاستبداد، أنّ الإدارة الأميركية لن تتجاهل ظلمهم، ولن تعذر ظالميهم، وعندما يقفون إلى جانب حريتهم ستقف معهم». وأضافت أن الإدارة التي أعطت مشرف مساعدات بأكثر من 10 مليارات دولار منذ 2001، يمكنها أن تضغط عليه وأن تخيّره بين الديموقراطية أو الديكتاتورية مع عزلة دولية.
أما الدعوة الثانية فقد أطلقتها بوتو، خلال مؤتمر صحافي عقدته بعد اجتماع مع قادة المعارضة في إسلام آباد، دعت فيه الباكستانيين إلى تنظيم احتجاجات واسعة على فرض حال الطوارئ في البلاد. وقالت: «أناشد الشعب التحرّك، نحن نتعرّض لهجوم. التجمّع في روالبندي الجمعة، والسير في تظاهرة يوم الثلاثاء المقبل من لاهور شرق باكستان حتى إسلام آباد». وتعهّدت بالخروج في تلك التظاهرات في أعداد «لا تتسع لها السجون». وتابعت: «إذا اعتُقلت فعلى الناس أن يواصلوا النضال».
وانضم إلى دعوة بوتو، رئيس المحكمة العليا افتخار شودري، الذي دعا إلى «الانتفاضة». وكذلك فعل رئيس الحكومة الأسبق نوّاز شريف، الذي طلب من الغرب التخلّي عن مشرف.إلا أن سلطات الأمن الباكستانية أبلغت بوتو رفضها التصريح بتنظيم المسيرة. وهدّد رئيس شرطة روالبندي، سعود عزيز، بقمع منتهكي الحظر، مشيراً إلى أنه «عندها سيأخذ القانون مجراه»، محذّراً من احتمال وقوع هجوم انتحاري.
واستمرت أمس التظاهرات في مناطق متفرقة، واشتبكت القوى الأمنية مع المتظاهرين أمام البرلمان في العاصمة، واعتقلت عدداً منهم. كما سُيِّرت تظاهرة سلمية في مدينة بيشاور.
في ظل هذا التوتر، أرسل رئيس الرابطة الإسلامية الحاكمة، شودري شجاعات حسين، إشارات مطمئنة إلى المعارضة، بقوله إنه «من المرجح أن يرفع مشرف حالة الطوارئ خلال أسبوعين أو ثلاثة».
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز، في اجتماع لنوّاب الحزب الحاكم، أن تاريخ إجراء الانتخابات البرلمانية سيحدد بحلول 14 تشرين الثاني.
(الأخبار، أ ب، أف ب، يو بي آي)