بول الأشقر
يتوجّه الناخبون الفنزويلّيون إلى صناديق الاقتراع غداً، للمشاركة في استفتاء على تعديل جذري للدستور، تُمثّل نتيجته، أيّاً كانت، تغييراً عميقاً للواقع السياسي في هذا البلد. فإذا «فازت التعديلات»، تكون فنزويلّا قد دخلت في طور سياسي جديد على طريق ما يسمّيه الرئيس هوغو تشافيز «اشتراكية القرن الواحد والعشرين». وإذا فازت الـ«لا»، يكون الأخير قد خسر، للمرّة الأولى منذ تولّيه سدّة الرئاسة عام 1999، استحقاقاً انتخابيّاً.
يوم أوّل من أمس، شهد تجمّع مئات الآلاف من المناهضين للإصلاح الدستوري في إحدى أكبر جادّات كاراكاس: جادة بوليفار. وكان القاسم المشترك في كلّ الخطابات أن حظوظ المعارضة في الفوز تتوقّف على مستوى المشاركة. وأجمع المراقبون على أنّ عدد الحشود المعارضة فاق المتوقّع.
ويتميّز هذا الاستحقاق، الذي لن يغيّر شيئاً في الولاية الحالية لتشافيز، بأنّ المعارضة حسمت للمرّة الأولى موضوع المشاركة، بدلاً من تقاسم أصواتها بين المشاركة والمقاطعة، وذلك بعد قرار الجنرال راوول بادويل، صديق تشافيز والرجل الذي أعاده إلى السلطة بعد الانقلاب الفاشل عليه، الاقتراع بـ«لا».
هناك ميزتان أخريان للاستحقاق؛ الأولى هي الدور الذي تؤديه الحركة الطلابيّة التي صارت رأس حربة المعارضة منذ إقفال شبكة التلفزيون، «آر سي تي في». والثانية هي التلاسن العنيف الذي نشب بين النظام والكنيسة بعدما دخلت هذه الأخيرة طرفاً مباشراً ضد الإصلاحات، إضافة إلى انشقاق عدد من الكوادر من معسكر تشافيز، أنشأوا حركة «قادرون»، التي يمثّلها 7 نواب.
وعلى عكس المرّات السابقة عندما كان أداء المعارضة يتلخّص بـ«معاداة تشافيز» من دون تقديم بديل مقنع، يبدو اليوم أنّ حجّة الموالاة الأساسيّة هي تحويل الاستفتاء على الدستور إلى استفتاء على أداء الرئيس. وفيما ترى المعارضة أن ضخامة الإصلاحات تؤدّي إلى دستور جديد (المطلوب في هذه الحالة جمعيّة تأسيسيّة)، لم ينجح تشافيز وأنصاره في تفسير: لماذا النظام هو بهذه الحاجة لتغيير دستور كان قد وضعه هو بنفسه قبل سنوات؟
النتائج، أيّاً تكن، لن تؤدي إلى تغيير في مدة ولاية الرئيس، بل إلى إظهار ميزان قوى جديد والتأثير على وتيرة التغييرات التي ستشهدها فنزويلّا في الأشهر والسنوات المقبلة. وفي كل الأحوال، سيكون المشهد الجديد مختلفاً تماماً عن «المشهد قبل الاستفتاء».
وبعد عدد من استطلاعات الرأي، دلّت جميعها أن الـ«لا» تتقدّم على الـ«نعم»، أتى الاستطلاع الأخير ليقول إن الوضع انعكس. وما هو أكيد حتى الآن أنّ الاستفتاء الحالي أصعب على تشافيز من الاستحقاقات السابقة، ومقارنة نتائجه مع نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في نهاية العام الماضي، كفيلة بتوضيح كلّ ما تغيّر في فنزويلّا خلال السنة الماضية.