strong>حذّر الرئيس السوري بشار الأسد أمس من أن العد التنازلي في المنطقة بات يقترب من الانفجار، مشيراً إلى أن الدول العربية «أول من سيدفع الثمن إذا بدأت الحرب على إيران». وشدّد على أن العلاقة مع لبنان لا يمكن وصفها بالجيدة. ورأى أن لبنان «لن يستقرّ في المستقبل القريب»
قال الرئيس السوري، في حديث خاص لصحيفة «الشروق» التونسية نشرته أمس، «نحن لا نقترب من دائرة الخطر، بل نحن في قلب الخطر، نحن أمام قنبلة موقوتة، وربما الوقت لا يكون كافياً لإنجاز الكثير، فالعد التنازلي يتسارع». وأضاف إن «الثمن بات يحسب بالساعات لا بالأشهر، وكل ساعة تمر لها ثمن، لذلك علينا التحرّك بسرعة، فكلنا مستهدفون، وليس هناك دولة في العالم العربي لن تدفع ثمن الانفجار الذي سيحصل».
إلّا أن الرئيس السوري استدرك قائلاً «لا نستطيع أن نقول في إطار التوقعات إن الحرب ستحصل أو لا تحصل، لكن نستطيع أن نقول إنه يجب أن نبقى دائماً متحفّزين لأي عمل أخرق من جانب الولايات المتحدة أو من جانب إسرائيل تجاه إيران أو سوريا أو لبنان أو تجاه أي دولة أخرى».
وأشار الأسد إلى أن الإيرانيين يعملون على أساس أن «الولايات المتحدة قد تقوم بعمل ما».
ورأى أنه إذا بدأت الحرب، فلا أحد يعرف كيف تنتهي، لكن نحن أول من سيدفع الثمن، وخصوصاً منطقة الخليج العربي التي ستكون أول منطقة ستدفع ثمناً غالياً جداً لهذا العمل».
وقلّل الأسد من أهمية الغارة الإسرائيلية على سوريا الشهر الماضي. وقال إنها أظهرت «فشلاً استخبارياً إسرائيلياً، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى التغطية عليه بالغموض». وأكد أن الهدف الذي ضربته الطائرات الإسرائيلية هو هدف عسكري، «وهو عبارة عن منشأة قيد البناء، ولم يكن فيها ساعة قصفها لا عسكريون ولا غيرهم».
وأقرّ الرئيس السوري بوجود وساطة تركية بين بلاده وإسرائيل بدأت عام 2004، وأن تركيا نقلت وجهة النظر السورية لاستئناف المفاوضات، التي ترتكز على نقطتين أولاهما «إعلان واضح من جانب المسؤولين الإسرائيليين عن رغبتهم في السلام، والثانية «تقديم ضمانات بأن الأرض ستعود كاملة». وتابع إن الوساطة تختلف عن المفاوضات التي تحتاج إلى راعٍ له موقع معين على المستوى الدولي هو الولايات المتحدة بهدف الوصول إلى مفاوضات، لكن الإدارة الأميركية لم تعمل من أجل السلام. ولا نعرف متى نصل إلى المفاوضات.
وفي ما يتعلّق بالمؤتمر الدولي للسلام المقرّر عقده في واشنطن الشهر المقبل، جدّد الرئيس السوري استعداد بلاده للمشاركة في المؤتمر «عندما تتأكد من جديته، ومن أن هدفه السلام العادل والشامل». وقال إن دمشق لم تتلقَّ دعوة لحضور مؤتمر الخريف للسلام. وأضاف «إذا أتت هذه الدعوة فلن نشارك في مؤتمر يفتقر إلى فرص النجاح».
وأضاف الرئيس السوري «حتى الآن لم نتأكد من جدية المؤتمر، وهذه الجدية ترتبط بمرجعيته، وعلى ماذا يستند، وعلى مزاج من دعا إلى عقده. ونحن نذهب عندما يكون السلام العادل والشامل هو الأساس والهدف، أي أن يشمل قضية الجولان».
وتطرّق الرئيس السوري إلى الملف اللبناني. وأشار إلى أنه «لا يمكن وصف العلاقات اللبنانية السورية بأنها جيدة، حيث ينعكس الانقسام بين اللبنانيين على العلاقات السورية اللبنانية وهذا الانقسام بين قوى ترهن نفسها للوطن وللعلاقات العربية ـــــ العربية من خلال إصرارها على عروبة لبنان، وبين قوى كانت دائماً تتحدث عن ربط مصيرها بالخارج، وبالتالي تضع لبنان في مهب الريح، أي أن يكون مصير لبنان مرتبطاً بمصير الصراعات الإقليمية، التي لا يبدو أنها ستنتهي في المستقبل القريب، وهذا يعني أن لبنان لن يستقر في المستقبل القريب».
وتابع الأسد «لدينا وجهة نظر تجاه أي تيار يصبح أقرب إلى إسرائيل أو يرتهن إلى الخارج ولا يمكن أن نبني مستقبل العلاقة السورية اللبنانية على أساس العلاقة مع قوى هي لا تؤمن بلبنان». وقال «إن لبنان استقر في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف عندما كان ضد إسرائيل، وأخذ بالتوجه العربي ودعم المقاومة»، مشيراً إلى أن «أي بلد يخرج عن هذا المنطق في منطقتنا يصبح بلداً غير مستقر».
وعن تمسك قوى «14 آذار» بالتصعيد مع سوريا، قال الأسد «إن رموز هذا التيار مرتبطون بأجندة خارجية وهم لا يخفون هذا الموضوع ويعطون جواباً واضحاً عليه من خلال تصريحاتهم واستقوائهم بالأجنبي، ومن خلال بنائهم الآمال على ما سيتم من مخططات أجنبية: العدوان على لبنان لضرب المقاومة والعدوان على سوريا وضرب إيران».
وعن التهم الأميركية لسوريا بالتدخل في الشؤون اللبنانية، قال الأسد «هم يتحدثون عن أنفسهم بهذه التهم، فهم الذين يتدخلون في كل شيء ويخربون كل شيء في هذا العالم ويتهمون الآخرين، هم الذين يخربون في العراق وعلى الساحة الفلسطينية». وأكد حرص بلاده على استقرار لبنان وعلى «أن تكون العلاقة معه جزءاً من العلاقة الطبيعية التاريخية بين الشعبين الشقيقين».
وفي ما خصّ العلاقات السورية مع السعودية ومصر، قال الرئيس السوري إن «العلاقات ليست كما يجب أن تكون، لكن ليس هناك انقطاع، بل هناك تشاور ولا مشكلة لدى سوريا بأن تقوم بمبادرة من أجل تحسين العلاقات»، مؤكداً أن «سوريا تسعى إلى تحسين الوضع العربي وعلاقاتها مع الدول العربية من دون استثناء»، مضيفاً إن «سوريا في قلب العاصفة ومن مصلحتها أن يكون هناك تضامن عربي بأي حد».
وأشار الأسد إلى أن سوريا ستوفد مبعوثين إلى الدول العربية وبشكل خاص على خلفية قرار الكونغرس الأميركي عن العراق، مشدداً على ضرورة وجود دور عربي لمساعدة العراق. وشدّد على «أن وحدة العراق لا تزال أملاً كبيراً يمكن تحقيقه لأن علائم الفتنة لم تنتشر حتى الآن على المستوى الشعبي». وقال إن «الحل في العراق كما هو الأمر في لبنان يجب أن ينطلق من عروبة العراق وأن تكون المساعدة في حل الأزمة العراقية في جوهرها عربية، وأن تشمل العملية السياسية الداخلية كل القوى بعيداً عن التعريفات الأميركية، ومن ثم يكون هناك مؤتمر وطني لمناقشة كل المواضيع من دون استثناء، يحدد شكل الدولة المقبلة ومستقبل العراق في تفاصيله».
وأكد الأسد أن سوريا تدعم المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين انطلاقاً من موقف الشعب السوري. وقال إن «دعمنا دعم سياسي يرتبط بالقضايا، وهم ليسوا بحاجة إلى دعم عسكري من أي جهة».
وفي الشأن الفلسطيني، حذّر الأسد من استمرار الانقسام. وقال «علينا الآن أن نعيد الحوار»، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني من دون استثناء سيدفع ثمن استمرار الوضع على حاله.
(سانا، أ ب، يو بي آي، د ب أ)