باريس ــ بسّام الطيارة
شهدت فرنسا أمس أوّل «تجربة كسر عظم» بين «العهد الجديد» والنقابات؛ فقد سيطر على حركة النقل شلل كبير، لم تشهد البلاد مثيلًا له منذ عام 1995، للاحتجاج على مشروع إصلاح أنظمة التقاعد الخاصّة، وهو ما يمثّل المواجهة الاجتماعيّة الأولى للرئيس نيكولا ساركوزي بعد 5 أشهر من انتخابه.
وسيّد الإليزيه، الذي يريد الوفاء بتعهّداته الانتخابية لليمين ولأصحاب العمل، يسعى إلى المضيّ سريعاً في الإصلاحات الاقتصاديّة. أمّا النقابات فتسعى إلى إعطاء صورة مخالفة للتيّارات السياسية الحزبية، خصوصاً أن ما تستعدّ لفرضه حكومة فرانسوا فيلون من إصلاحات يمسّ جوهر نظام الضمان الاجتماعي لبعض الفئات، ويُعدّ «كسراً لشوكتها»، وهو ما لم تستطع إمراره أيّ من الحكومات السابقة.
وتدرك النقابات أن الأمر لا يتعلّق فقط بقضية «امتيازات تقاعدية»، تتمتع بها بعض فئات العمال في حقول مرهقة مثل سكك الحديد والنقل العام، بل هي، كما يرى بعض النقابيين، إصلاحات تريد تجاوز عقدة «القلعة النقابية» التي تمثّلها نقابات النقل وسكك الحديد سعياً وتسهيلاً لـ«الصراع الكبير المنتظر» أي خصخصة الضمان الاجتماعي بمجمله.
ويقول أحد النقابيين إنّ «ساركوزي يتبع طريق مارغريت ثاتشر»، في إشارة إلى رئيسة الوزراء البريطانيّة المحافظة السابقة، فيما تتخوّف بعض النقابات من الرئيس اليميني الجديد لأنّه «يفعل ما يقول» ويرون في ذلك «ميزة المحافظين الجدد». ومن هنا، فإنّ الأنظار تركّزت حول «اليوم الأسود» لدراسة مدى قوّة الفريقين المتواجهين. ويتّفق الجميع على أن هذا اليوم هو معركة في مسار «حرب طويلة يريد من ورائها اليمين اللبرالي إدخال فرنسا في إطار اللبرالية المهيمنة».
ويبدو أن الفريق الإعلامي لساركوزي قرّر استعمال السلاح «القديم ـــــ الجديد» المرتكز على استطلاعات الرأي. فقد بدأت الصحف قبل يومين من الإضراب، نشر استطلاعات «تصعب قراءة معانيها» في «سياق أبعد من سياق يوم الإضراب».
وتشمل أنظمة التقاعد الخاصّة 500 ألف أجير إضافة إلى 1.1 مليون متقاعد، من بين 18 مليون أجير في القطاع الخاص، وهي تتيح في بعض الحالات التوقف عن العمل في سن الخمسين مع التمتع بشروط تقاعد جيدة. ويهدف الإصلاح المزمع إدخاله أساساً، إلى تمديد فترة الاقتطاع من المرتب، بحلول عام 2012، إلى 40 عاماً في مقابل 37.5 حالياً.