رام الله ــ أحمد شاكرغزة ــ رائد لافي

«جمعة» غزّة تمرّ بسلام وفصائل المقاومة تقيم سواتر ترابيّة وإصابة إسرائيليّين في الضفة


مرّت صلاة الجمعة الأولى في شهر رمضان أمس بسلام في غزة، حيث غابت مظاهر المواجهات التي طبعت الأسابيع الماضية بين أنصار «فتح» وقوات «حماس»، فيما صدّت المقاومة محاولة إسرائيلية للتوغّل في عمق الأراضي الفلسطينية المحيطة بمعبر صوفا شمال شرقي مدينة رفح.
في هذا الوقت، تواصلت المحاولات الفلسطينية والإسرائيلية للوصول إلى اتفاق إطار قبل المؤتمر الدولي للسلام المقرر في تشرين الثاني المقبل. وقالت مصادر فلسطينية مطّلعة لـ«الأخبار» أمس إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يكثّفان اتصالاتهما على مستويات عديدة لإنجاز القسم الأكبر من القضايا المختلف عليها بينهما قبيل وصول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية في الثامن عشر من الشهر الجاري.
وأوضحت المصادر أن رايس تتوقّع من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت أن يعرضا عليها مسودة الاتفاق لإعلان المبادئ بين الجانبين، والتي تعتبرها مهمة للوصول إلى حل نهائي يرضي الطرفين. وأشارت المصادر إلى أن «طواقم أميركية ترافق رايس ستقوم ببحث المسائل العالقة مع الفلسطينيين والإسرائيليين والمساعدة على حلها للوصول إلى التوافق التام وانجاح مهمة رايس والسعي إلى إنجاح المؤتمر الدولي».
وأفادت المصادر أن رايس «تسعى بكل ثقلها إلى الحصول على تقدم في الاتصالات الفلسطينية الإسرائيلية من أجل إقناع بعض الدول في المنطقة بالمشاركة في مؤتمر السلام المرتقب». وتوقعت أن تعود رايس إلى المنطقة من جديد بداية الشهر المقبل لاستكمال مساعيها إن لم تنجح في الجولة المرتقبة الأسبوع المقبل.
وعلمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية أن رايس «ستحاول تأجيل عقد المؤتمر الدولي إذا شعرت بأن الفلسطينيين والإسرائيليين لا يزالون بعيدين عن الاتفاق، لأن انعقاده في مثل هذه الظروف يعني انتصاراً للتطرف لأنه لن تصدر عنه نتائج عملية تسمح بالوصول إلى اتفاق سلام شامل بين الجانبين».
وفي السياق، أبلغ مسؤول عربي «الأخبار» أن رايس ستوفد خلال الأيام القليلة المقبلة إلى منطقة الشرق الأوسط وفداً من وزارة الخارجية الأميركية للالتقاء مع المسؤولين في عدد من الدول العربية للتحضير لمؤتمر السلام. وقال إن «الوفد الأميركي سيحاول التعرف إلى نيات الدول التي سيزورها ومعرفة ما اذا كانت هذه الدول سترسل ممثلين رفيعي المستوى للمؤتمر أم أنها ستكتفي بأن يتم تمثيلها على مستوى السفراء».
من جهة أخرى، قالت مصادر محلية وشهود عيان إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تساندها بضع دبابات وآليات عسكرية، وبغطاء جوي من مروحيّتين حربيتين، توغلت أمتاراً قليلة في جنوب قطاع غزة، قبل أن تتراجع بفعل ضراوة المواجهة من فصائل المقاومة الفلسطينية.
وفي إطار الاستعدادات لعدوان إسرائيلي محتمل على قطاع غزة، شُغلت فصائل المقاومة بإقامة السواتر الترابية، وأغلقت الشوارع الرئيسة المؤدية إلى داخل المدن والمخيمات في شمال القطاع.
وأصيب فلسطيني بجروح أمس في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة مدنية وسط مدينة غزة كانت تقل مجموعة من مقاومي «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، والتي تمكنت من النجاة.
وفي الضفة الغربية، قال جيش الاحتلال إن اسرائيليين يستقلان سيارة أُصيبا في إطلاق نار من سيارة مسرعة في قطاع مستوطنة كارني شمرون جنوب غرب مدينة نابلس.
داخلياً، استعاضت حركة «فتح»، تساندها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، عن دعوة صلاة الجمعة في الميادين والساحات العامة، بتوجيه أنصارها للصلاة في مساجد محدّدة على مستوى قطاع غزة. وقالت إنها «مساجد لا تسعى إلى تسييس الخطب والمواعظ وتلتزم الخطاب الديني».
وأوضحت الحركة، في بيان لها، إنها لم تدعُ إلى الصلاة في الساحات حفاظاً على حرمة الدم الفلسطيني، ولقطع الطريق على «قمع» القوة التنفيذية، لكنها ستحافظ على إيصال رسالتها وموقفها من المساجد التي حولتها حركة «حماس» إلى «منابر سياسية».
إلى ذلك، أعرب وزير الإعلام الفلسطيني رياض المالكي عن دهشته من موقف بعض الحكومات العربية من الحسم العسكري، الذي نفذته حركة «حماس» في قطاع غزة. وقال، خلال ندوة في مدينة بيت لحم، «فوجئت بوجود حكومات عربية اتخذت موقف الوسطية، وحكومات أخرى مؤيدة لحركة حماس بشكل كامل، كالسودان والجزائر واليمن على وجه التحديد». وأُرجع هذا الموقف إلى وجود سفراء «تابعين لعباس» في العواصم العربية لا يقومون بواجباتهم.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «الجريدة» الكويتية عن مسؤول في حركة «حماس» قوله إن الرياض والقاهرة رفضتا بشكل قاطع محاولات رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل القيام بزيارة العاصمتين وإنهما اشترطتا عليه إعلان استعداد حركته إعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من حزيران قبل القيام بزيارة.
وبحسب معلومات الصحيفة، فإن مسؤولين سعوديين ومصريين أبلغوا قادة في «حماس» أن مشعل لا يحمل أي صفة رسمية فلسطينية ولا يعترف باتفاق أوسلو وغير مقيم في الأراضي الفلسطينية، وعليه فإن القاهرة والرياض تأملان إرسال وفود من «حماس الداخل».
وكشف القيادي في «حماس» أنه منذ أسبوعين انقطعت اتصالات التنسيق بين «حماس ـــــ الداخل» و«حماس ـــــ الخارج» بسبب ما سماه «السياسات غير الواقعية» التي يطالب ساسة «حماس» المقيمون في دمشق بتنفيذها، الأمر الذي يرد عليه قادة الداخل بأن الواقع الداخلي في قطاع غزة بالنسبة إلى «حماس» هو أقرب الى «الانتحار البطيء» بسبب الحصار الخانق وتفاقم المشكلات الداخلية في القطاع.

منذ أسبوعين انقطعت اتصالات التنسيق بين «حماس ــ الداخل» و«حماس ــ الخارج» بسبب «السياسات غير الواقعية» التي يطالب ساسة الحركة المقيمون في دمشق بتنفيذها الأمر الذي يرد عليه قادة في الداخل بأن الواقع في غزة بالنسبة للحركة هو أقرب الى «الانتحار البطيء» بسبب الحصار الخانق وتفاقم المشكلات في القطاع