برلين ــ غسان أبو حمد
اتسعت دائرة التحقيقات العدلية بتهمة تسريب وبيع معلومات أمنية سرية، لتشمل، بالإضافة إلى 17صحافياً ألمانياً، عدداً من السياسيين ونواب البرلمان الألماني.
وأكدت دائرة الادّعاء العام في برلين أمس أنها حصلت على تفويض خاص من رئيس البرلمان الألماني (البوندستاغ)، نوربرت بلوم، بالتحقيق مع أي نائب تقع عليه شبهة إفشاء معلومات أمنية سرية، يتعلق معظمها بنشاط جهاز الاستخبارات الألماني ضد الأعمال الإرهابية في ألمانيا والعالم.
وتعليقاً على هذه القضية وذيولها الخطيرة التي تطال نواباً في البرلمان الألماني، قال رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الأمنية، النائب زيغفريد كاودر، للتلفزة الألمانية، «فجأة تحولت خزنة المعلومات الأمنية السرية التي تملكها الأجهزة الأمنية الألمانية إلى قالب جبن سويسري مليء بالثقوب».
ورداً على سؤال يتعلق بأسماء النواب الذين باعوا أو أفشوا أسرار الدولة، رفض كاودر البوح بأسماء، لكنه أكد أن المدّعين العامين يملكون الصلاحية الكاملة للتحقيق مع أي نائب قيد الشبهة.
وعلى الرغم من موافقة الأحزاب الألمانية على مبدأ التحقيق مع الصحافيين والسياسيين المشتبه بهم، إلا أن عدداً من النواب خالفوا مواقف أحزابهم، ورأوا أن «ملاحقة الصحافيين» تمسّ قدسية الصحافة وحريتها. وقال النائب طوماس أوبرمان (الحزب المسيحي الديموقراطي) إن موافقة البرلمان على مبدأ ملاحقة رجال الإعلام هي «خطيئة» كبيرة ترتكب.
وصرّح نواب من حزب «الخضر» والحزب «الليبرالي» بمواقف مماثلة، أعربوا خلالها عن رفضهم المساس بالنشاط الإعلامي في ألمانيا.
وفي السياق، خالف عضو اللجنة البرلمانية للشؤون الأمنية ماكس شتادلر (الحزب الليبرالي) موقف حزبه، وقال للإذاعة الألمانية «إن البوح بأسرار الدولة جريمة يعاقب عليها القانون، لكن واجب رجال الصحافة ـــــ بحسب معرفتي ـــــ هو البوح وإطلاع القرّاء على ما يصلهم من معلومات»، مشيراً إلى أن «نشر الصحافيين للمعلومات الأمنية السرية ليس جريمة»، فيما أيّدت هذا الموقف عضو قيادة حزب الكتلة اليسارية بيترا باو. وتجدر الإشارة إلى أن معظم الصحافيين الذين تطالهم تهمة البوح بمعلومات سرية تتعلق بأمن الدولة الألمانية، يعملون في كبريات وسائل الإعلام الألمانية، وبينهم رئيس تحرير مجلة «ديرشبيغل» الأسبوعية، ستيفان آوست، وأربعة من العاملين في المجلة، بالإضافة إلى رؤساء تحرير كل من صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» وصحيفة «فرانكفورتر روندشاو»، وهم أبدوا، في تصاريح مختلفة، استخفافهم بمبدأ التحقيق معهم بتهمة البوح بمعلومات، مؤكدين أن جوهر مهنتهم ونجاحهم يستند إلى قاعدة «البوح بالمعلومات». وأدلت نقابة الصحافة الألمانية بمواقف مماثلة، فيما هدّد المراسلون الصحافيون الأجانب والمراسلون في البرلمان الألماني، بوقف نشاطهم، في حال عدم وقف التحقيقات بحق زملائهم في الوسط الإعلامي.
وكان الحديث عن ملف التحقيق مع 17 صحافياً ألمانياً بدأ يتسرّب منذ مطلع هذا الأسبوع في بعض المقاطعات الألمانية، وتحديداً في برلين وهامبورغ وميونيخ وفرانكفورت. وأما التهمة الرئيسية الموجهة إليهم، فتتعلق بمعلومات أمنية تتناول نشاط الطلعات الجوية الأميركية المتوجهة إلى العراق، وعمليات خطف غير مشروعة مارستها الاستخبارات الأوروبية والأميركية بحق مواطنين ألمان أبرياء، بينهم اللبناني الأصل خالد المصري.