• «جبهة المواجهة» مع تحدّيات الطبيعة والاحتباس الحراري، «غرينلاند»، تتبع سياسياً إلى الدانمارك، التي تملك منذ عام 1979 حقّ رسم السياسة الخارجية والدفاعية للمنطقة،إلّا أنّها محكومة حالياً من حكومة وبرلمان مستقل، ولا يقطنها سوى 56 ألف مواطن. وتبلغ مساحتها 2,2 مليون كيلومتر مرابع، أي ستة أضعاف مساحة ألمانيا بكاملها، وتغطي الثلوج 85 في المئة من مساحتها ويصل حجم سماكة الثلوج في بعض المناطق إلى ثلاثة آلاف متر مكعب.

  • أظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة على مناخ «غرينلاند» أن درجة حرارة الأرض سترتفع بمعدل ثلاث درجات حتى عام 2100، ما ينذر بذوبان ثلوج هذه المنطقة، وبالتالي ارتفاع مستوى سطح البحر. كما أثبتت دراسة قام بها المركز الأميركي الوطني للأبحاث أن الكرة الأرضية شهدت ارتفاعاً في متوسّط درجة حرارتها هذا العام لم تشهده منذ 400 عام. هذه الزيادة الخطيرة تدق مجدداً ناقوس الخطر وتدفع إلى مزيد من التحرّك السريع لوضع حدّ لظاهرة الاحتباس الحراري.

  • تعاقبت على تطوّر الكون أطوار طغى عليها ارتفاع في درجة الحرارة أو البرد، وانعكست التغيّرات على طبيعة الكائنات ونوعيتها؛ فقد عاش الماموث في أوروبا قبل 20 ألف عام، بينما احتلّت التماسيح وسط أوروبا قبل 50 مليون عام، واستظلّت بالنخيل الذي كان ينمو هناك.

  • غير أنّ مدير معهد «بوتسدام» لأبحاث آثار المناخ، هانس يواخيم شيلنهوبر، يرى أن التغير الحالي الذي تشهده الطبيعة غير مسبوق، ويوضح أنّنا نوجد في وقت هو الأكثر حرارة على وجه الأرض وأنّه إذا لم تبذل الجهود للحد من أسباب هذا الارتفاع، فإننا قد نجد أنفسنا ننتقل من العصر الدافئ الذي نعيش فيه إلى عصر ساخن.
  • وصل مقدار الزيادة في متوسّط درجة حرارة الكوكب هذا العام إلى 0,8 درجات حرارية. وهو ارتفاع يبدو طفيفاًَ إذا نظرنا إليه كرقم مجرّد، إلّا أنّه يعكس نتائج خطيرة، إذ ما يفصلنا عن متوسّط درجة الحرارة أثناء العصر الجليدي هو 5 درجات حرارية فقط، كما يقول شيلنهوبر «خمس درجات ونصبح في عالم آخر تماماً». والأدهى أن هذه الزيادة لم تحدث بفعل العوامل الطبيعية التي تتحكّم بدرجة حرارة الكوكب، لكن بتأثير النشاط الصناعي الإنساني.

  • يقول شيلنهوبر إنّ عدد البشر في العصر الجليدي لم يتجاوز بضعة ملايين، عاشوا مركّزين في المناطق الاستوائية الآمنة، أما في عصرنا الحالي فيعيش مليارات البشر موزّعين على كل أنحاء المعمورة. واستطاعت البشرية أن تصل بفضل استقرارها إلى حضارة راقية تميّزها عن مجتمع الصيادين والرعاة التي كانت منتشرة في العصر الجليدي. غير أن هذه الحضارة الحديثة، وما استتبعها من مرافق وقطاعات مختلفة، أصبحت أكثر حساسية للتأثر بتغيرات المناخ.

  • المواطنون الأوروبيون الذين يدركون مخاطر الطبيعة على مستقبل الحياة الإنسانية، نظّموا في حزيران الماضي تظاهرة «عارية» إلى جبال «الألب» السويسرية، شارك فيها حوالى 600 مواطن ومواطنة، بدعوة من منظمة «غرين بيس»، التقوا جميعهم على الثلج من دون ثياب تأكيداً لتضامنهم في وجه تحدّيات الطبيعة، التي يولّدها إهمال الدول.
    (الأخبار)