strong>علي حيدر
إسرائيل تفاوض معتقلي «حماس» لتحرير جلعاد شاليط

صادقت الحكومة الإسرائيلية، بشكل مبدئي، على الإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً، خلال جلستها الأسبوعية أمس، التي افتتحها رئيس الوزراء إيهود أولمرت بألتأكيد على أن إسرائيل لن تفرج عن أسرى شاركوا في عمليات قُتل فيها إسرائيليون.
وحظي القرار بتأييد غالبية الوزراء، في مقابل معارضة سبعة منهم، أربعة من «شاس»، وشاؤول موفاز، ويتسحاك أهرونوفيتش (يسرائيل بيتنا) وتغيب أفيغدور ليبرمان، الذي بعث برسالة يوضح فيها معارضته لاقتراح إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وفيما أعرب أولمرت عن اقتناعه بأن «هذا المسار (إطلاق سراح الأسرى) ليس أنه فقط لن يضر بفرص تحرير (الجنود الأسرى في غزة ولبنان) غلعاد شاليط والداد ريغف واودي غولدفسر، بل يمكن أن يوجد جواً يسهل المسارات المرتبطة بتحريرهم».
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن أولمرت أعاد قائمة أسرى تقدم بها «الشاباك» ووزارة القضاء بحجة تضمنها أسماء أسرى من المفترض أن يطلقوا سراحهم في الفترة القريبة. وطلب أولمرت، بحسب المصدر نفسه، إخراج هذه الأسماء من القائمة على قاعدة أنه «ليس بهذه الطريقة يمكن تعزيز أبو مازن» في إشارة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويُقدر أن يبادر المسؤولون في وزارة القضاء والشاباك، في أعقاب مصادقة الحكومة، على إعداد قائمة جديدة بأسماء الأسرى الذين سيُفرج عنهم بحيث لا تشمل أسرى شاركوا في عمليات قُتل فيها إسرائيليون.
وأوضح المدير العام لوزارة القضاء موشيه شيلو، رداً على سؤال للإذاعة الاسرائيلية، أن «الذين يُعَدُّون أياديهم ملطخة بالدماء هم كل الضالعين بشكل مباشر في قتل إسرائيليين وكذلك من يوجهونهم». إلا أنه أضاف أن إسرائيل يمكن أن تراعي اعتبارات إنسانية، مثل الظروف الصحية أو فترات الاعتقال الطويلة لبعض المعتقلين لتليين تلك المعايير.
تجدر الإشارة إلى أنه، بحسب الإجراءات المرعية، فإن مصلحة السجون يجب أن تنشر لائحة بأسماء المعتقلين الفلسطينيين الذين قد يفرج عنهم على الإنترنت وانتظار 48 ساعة قبل الإفراج عنهم لفسح المجال أمام احتمال تقديم طعون للمحكمة العليا.
وكان أولمرت قد أكد خلال استعراضه في جلسة الحكومة أن «تعهد الإفراج عن أسرى من أجل تعزيز مكانة أبو مازن أعطي بعد دراسة معمقة ودقيقة أجراها وزراء في الحكومة بمشاركة الجهات الأمنية المسؤولة». ووضع هذه الخطوة في سياق «بذل الجهود لرعاية المعتدلين وتشجيعهم، بمن فيهم أبو مازن، وتوفير ظروف أولية للحوار». وأضاف أن إقامة حكومة الطوارئ الفلسطينية تخلق فرصاً لدفع العملية السياسية مع معسكر المعتدلين في السلطة الفلسطينية.
في المقابل، هاجم وزير المواصلات شاؤول موفاز القرار، محذراً من عودة العلاقات بين أبو مازن و«حماس» حتى نهاية السنة الحالية أو مطلع السنة المقبلة على أقصى حد. وقال: «حتى ذلك الوقت، سيحصل أبو مازن على الأموال وعلى الأسرى، ونحن لن نرى أي مقابل». وأضاف: «إذا أفرجنا عن 250 فلسطينياً، يُعَدُّون أسماكاً صغيرة، فسيقول الفلسطينيون إننا لم ننفذ تعهدنا. والإفراج عن أسرى كبار سيكون خطأً، لأن جلعاد شاليط لا يزال بأيديهم. يجب أن يكون تحرير شاليط فوق كل اعتبار. يجب أن يكون لكل خطوة إسرائيلية مقابل».
أما وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، فرأى أن أياً من المبادرات الإسرائيلية التي شملت الإفراج عن أسرى سابق، منذ عام 1994، لم تترجم على يد السلطة الفلسطينية إلى «نشاطات تهدف إلى تخفيف الإرهاب» ضد إسرائيل.
وانتقد رئيس كتلة الليكود في الكنيست جدعون ساعر بشدة مصادقة الحكومة على تحرير أسرى فلسطينيين، مشيراً إلى خطوة إطلاق سراح 250 فلسطينياً بأنها عديمة المسؤولية. وحذَّر من أن يمس هذا القرار أمن الدولة ومواطنيها انطلاقاً من أن كل السوابق تشير إلى أن «نسبة مرتفعة من المحررين عادوا إلى ممارسة الإرهاب».
وفي السياق، أقرت إسرائيل بصحة التقارير التي أوردتها صحف فلسطينية حول إجراء جهات إسرائيلية مخولة مفاوضات سرية بشأن شاليط، مع مسؤولين من حركة «حماس» معتقلين في سجونها.
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر في مكتب أولمرت قولها إن مسؤولين إسرائيليين أجروا اتصالات مباشرة بقياديين من «حماس» موجودين في سجون إسرائيلية، مشيرة إلى أن هذه الاتصالات هي جزء من الجهود التي تبذل من أجل التوصل إلى اتفاق على «ثمن» إطلاق سراح شاليط. وكانت تقارير إعلامية أفادت بأن المسؤول عن ملف الأسرى الإسرائيليين، عوفر ديكيل، قام الأسبوع الماضي بزيارة إلى سجن هداريم، حيث يُحتجز عدد من قياديي حركتي «فتح» و«حماس»، والتقى بعضهم. وأشارت «معاريف» إلى أن الإقرار الإسرائيلي بالاتصالات مع أسرى «حماس» يعكس تغييراً في السياسة الرسمية المعلنة لحكومة تل أبيب المشددة على مقاطعة هذه الحركة، وتمثل اعترافاً فعلياً بمكانتها. إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس»، نقلاً عن رئيس مصحلة السجون في إسرائيل، بيني كانياك، أن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون التي تتبع للمصلحة ازداد في العقد الأخير بمعدل 700 أسير سنوياً.