strong>مفــاوض يتّــهم مشــرّف بالانقــلاب عــلى الجــهود الســلمية ويحــمّله مســؤولية «هــدر الدمــاء»
لجأت القوات الباكستانية، أمس، إلى الخيار العسكر لحسم أزمة «المسجد الأحمر»، بعد فشل المسعى التفاوضي، فشنّت هجوماً على المجمع أوقع أكثر من 68 مسلحاً، بينهم نائب زعيم الطلبة عبد الرشيد غازي، إضافةً إلى 8 جنود باكستانيين، فيما حمّل أحد المفاوضين الرئيس الباكستاني برويز مشرّف مسؤولية الفشل وهدر الدماء.
وقال المتحدث الباكستاني جواد شيما إنه «طلب من غازي مغادرة المكان، فخرج برفقة 4 الى 5 ناشطين واصلوا إطلاق النار على القوات الأمنية، فردّت عليهم ما أدى الى مقتله». وأضاف «لا تزال هناك بعض المناطق التي يجب تمشيطها. لا تزال جثته في المبنى، ولقد قُتل الناشطون الآخرون».
وكان مصدر أمني قد أعلن في وقت سابق أن القوات الباكستانية حاصرت عبد الرشيد غازي في قبو المدرسة، لكنها امتنعت في البداية عن مداهمته لأنه يحتجز عدداً من الأطفال كرهائن. وأضاف إن «القوات الأمنية طلبت منه الاستسلام 4 مرات، فردّ أتباعه بإطلاق النار، وقال غازي إنه يفضّل الشهادة على الاستسلام».
وأطلع غازي، تلفزيون «جيو»، قبل مقتله، على أن والدته أصيبت، بينما أعلن أحد مساعديه في وقت لاحق وفاتها قائلاً إن «الحكومة تستخدم أقصى قوتها في عدوان عنيف وشهادتي محتّمة الآن»، مضيفاً إن «30 مسلحاً يقاومون القوات الحكومية».
وبدأت معركة أمس في ساعات الفجر الأولى بهجوم من الكوموندوس على المسجد من ثلاثة اتجاهات، حيث خاض معارك لأكثر من 12 ساعة أدت الى سيطرة القوى الأمنية على 80 في المئة من «مجمع حفصة» حيث بقي بعض الإسلاميين، بينهم غازي، متحصّنين في الطوابق السفلى محتجزين مجموعة من الرهائن.
وتم تحرير 50 امرأة، بينهم زوجة وابنة زعيم الطلبة عبد العزيز غازي، بعد هرب 26 طفلاً من أيدي الإسلاميين. وأعلن المتحدث باسم الجيش الجنرال وحيد أرشاد أن «العملية العسكرية ركّزت على مدرسة البنات، لكن بعض المسلحين أطلقوا النيران من مآذن المسجد»، مضيفاً إن «المجمع يضم 75 غرفة ومساحات واسعة أخرى».
وتابع أرشاد قائلاً «إننا نتقدّم خطوة خطوة للحد من الخسائر ولا سيما البشرية، فالطلبة يحتجزون رهائن، ويقاتلون غرفة بغرفة». وقال إن «المسلحين متدرّبون جيداً وبحوزتهم رشاشات وصواريخ وقنابل كما وضعوا أشراكاً في مناطق مختلفة».
ونفى أرشاد ما أوردته تقارير عن استخدام غازات في العملية، موضّحاً أن «قوات الأمن استخدمت فقط الغاز المسيل للدموع والقنابل الصاعقة». وطلب الجيش إحضار 400 كفن أبيض لتغطية الجثث بناءً على طلب أحد المفاوضين عبد الستار أضحى.
ساعة الصفر للهجوم كانت بعد دقائق من إعلان رئيس الوفد المفاوض تشودري شجاعة حسين «فشل محاولات نزع فتيل الأزمة القائمة منذ أسبوع عبر التفاوض»، وذلك بعد 9 ساعات من المحادثات مع غازي عبر مكبّرات الصوت والهاتف الخليوي. وقال حسين «لقد قدّمنا إليه الكثير، لكنه لم يكن مستعداً لقبول شروطنا».
واتهم أحد المفاوضين الـ12، الشيخ رحمة الله خليل، في حديث لوكالة «أسوشييتد برس»، الرئيس الباكستاني برويز مشرف بالانقلاب على مسودة الاقتراحات من أجل إنهاء الأزمة. وقال «حضّر حسين اتفاقاً يتم وضع غازي بموجبه تحت الحراسة بينما تطلق الحكومة سراح الطلبة باستثناء من تدينه الشرطة»، مضيفاً «كنا نأمل تقديم نهاية سعيدة، لكنّ الحكومة بدّلت تقريباً كل ما تم الاتفاق عليه»، محمّلاً الحكومة مسؤولية «الدم الذي أهدر».
إلا أن الحكومة الباكستانية، من جهتها، أنكرت أي تبديل في الخطة.
وبالتوازي مع الاشتباكات، وقعت احتجاجات ضد الحكومة على العملية العسكرية، فقام أكثر من مئة إسلامي مسلح بقطع الطريق التي تؤدي الى الصين المجاورة لباكستان في شمال غربي باتاغرام مطلقين الرصاص ومنددين بالحكومة والرئيس الباكستاني.
وفي شرقي مولتان، تظاهر أكثر من 500 طالب إسلامي هاتفين «فليسقط مشرّف» وقاطعين الطريق الرئيسي بإحراق الإطارات.
وطلبت السفارة الأميركية في إسلام آباد من رعاياها الحدّ من تحركاتهم في شمال غربي منطقة بيشاور، محذّرة من الهجمات الإرهابية المرتبطة بالمسجد الأحمر التي يمكن أن تقع، بعدما توعّدت «القاعدة» بالثأر من مشرّف وواشنطن في تظاهرة أول من أمس.
(أ ب ، أ ف ب، رويترز)