strong>يحيى دبوق
يستعد لعرض تسوية على أبو مازن تقضي بالتخلّي عن 90 % من الضفة وربطها بغزة عبر نفق تحت الأرض

استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، لقاءه بوفد الجامعة العربية أمس ليطلق سلسلة مواقف بدا فيها مزايداً على مهمة الوفد الرامية إلى إقناعه بالمبادرة العربية، وإن كان في الحقيقة يهدف إلى إجهاضها من خلال سد الأفق أمام إعادة تعريب القضية الفلسطينية وحصرها في مسار ثنائي بين السلطة، برئاسة محمود عباس وإسرائيل.
وقال أولمرت، في مؤتمر صحفي عقده في أعقاب اجتماعه بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أمس، إنه ينوي العمل على استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين وإنه لن ينتظر جامعة الدول العربية. وأضاف: «أريد البدء في عملية سياسية بكل قواي وتحريك الأمور قدماً، وإذا كانت هناك دول عربية على استعداد للمساعدة مثل السعودية والإمارات (العربية) المتحدة، فإننا سنرحب بذلك، لكننا لن ننتظر الجامعة العربية، فإسرائيل هي التي تقود وهي التي تبادر».
وأعرب أولمرت عن اقتناعه «بأن تقدم عملية السلام يخدم المصلحة الإسرائيلية»، مشيراً إلى نيته إجراء مفاوضات من أجل إقامة دولة فلسطينية. لكنه شدد على «عدم وجود جدول زمني لمفاوضات كهذه»، رغم تأكيده «وجود تفاهمات هادئة إضافية مع السلطة الفلسطينية».
وقال أولمرت: «لقد بدأنا ببذل جهد جدي في محادثات تقود بشكل طبيعي إلى مفاوضات مع السلطة (الفلسطينية) حول القضايا المركزية التي ستسمح بإقامة دولة فلسطينية، والمحادثات مع (الرئيس الفلسطيني) أبو مازن ستستمر بالوتيرة التي اتفقنا عليها»، أي اجتماع كل أسبوعين، معرباً عن اقتناعه بأن «ثمة أملاً في الوقت القريب لأن تنضج العملية (السياسية مع الفلسطينيين) باتجاه محادثات يتم خلالها البحث بشكل عملي في مراحل إقامة دولة فلسطينية، ونحن نتفق معهم على الاستمرار حتى تثمر (المناقشات) عن نتائج ملموسة».
واستطرد أولمرت: «أنا مصر على إنشاء مسار يمكنني من إجراء محادثات جدية مع أبو مازن، وليكن واضحاً أن أبو مازن يتحمل مسؤولية كاملة وهو مستعد لتحمل المخاطر. هناك مخاطر بالنسبة إلى إسرائيل أيضاً، وأنا لا أقول إن الإرهاب قد توقف، لكننا أقوياء بما يكفي من أجل تحمل هذه المخاطر».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت أمس أن أولمرت ينوي إجراء مفاوضات مع أبو مازن حول «المسائل التي يكون من السهل نسبياً التوصل إلى اتفاق بشأنها، مثل طبيعة الدولة الفلسطينية ومؤسساتها الرسمية ونظامها الاقتصادي وترتيبات الرسوم الجمركية بينها وبين إسرائيل»، مضيفة أن أولمرت ينوي «أن ينتقل من هذه المرحلة إلى البحث بمسائل أكثر حساسية مثل الحدود وترتيبات العبور». وأضافت الصحيفة أن «لعباس أن يعرض اتفاق المبادئ على أبناء شعبه، ويحوله إلى برنامج انتخابي في الانتخابات الفلسطينية المقبلة، فيما سيطرح هو (أولمرت) الاتفاق على الكنيست للمصادقة عليه، ويتوقع أن يحظى بتأييد أغلبية أعضائه».
وأوضحت الصحيفة أن أولمرت يؤمن بأنه «لا مجال للبحث في هذه المرحلة بتفاصيل التسوية (مع الفلسطينيين)، لأن من الصعب جداً التوصل إلى اتفاق في ما يتعلق بالمسائل المبدئية للحدود الدائمة، والقدس واللاجئين، التي ينبغي إبقاؤها حتى نهاية المفاوضات»، مشيرة إلى أن الرأي لدى أولمرت أن «من الأفضل التوصل إلى اتفاق مبادئ (عامة)، والتقدم منه إلى الأمام لحل المسائل الصعبة، وبالتالي فإن اتفاقاً كهذا من شأنه أن يحرك العملية السياسية (مع الفلسطينيين) رغم ضعف السلطة الفلسطينية بقيادة عباس، ورغم الشكوك في قدرته على تنفيذ اتفاق كهذا والحفاظ على الأمن».
ولخصت «هآرتس» المبادئ التي سيعرضها أولمرت على الفلسطينيين «بانسحاب إسرائيل من تسعين في المئة من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة باتجاه جدار الفصل كي تحافظ إسرائيل على يهوديتها، إضافة إلى إجراء عملية تبادل أراضٍ مقابل إبقاء المناطق التي توجد عليها الكتل الاستيطانية الكبرى تحت سيادة إسرائيل». وبحسب الاقتراح، فإنه «سيتم ربط الضفة بالقطاع من خلال نفق لمنع الاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين والحفاظ على الأمن وفي المقابل ستطالب إسرائيل الفلسطينيين بتعويضها بأراض في مقابل موافقتها على حفر النفق في أراضيها».
وفي ما يتعلق بالقدس الشرقية، فإن إسرائيل «ترى أنه سيتم إيجاد طريقة ما ليعرض من خلالها الفلسطينيون أجزاء من القدس الشرقية على أنها عاصمة لدولتهم، على ألا تشمل أجزاء المدينة التاريخية مع الإبقاء على البلدة القديمة ومحيطها تحت السيادة الإسرائيلية».
وأفادت «هآرتس» بأن أولمرت بدأ البحث في «الأفق السياسي» خلال اجتماعاته الأخيرة مع عباس، وقد رفض اقتراح وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بتوصل إسرائيل والفلسطينيين إلى «اتفاق رف»، وهو اتفاق دائم يتم إرجاء تنفيذه، ويتم التفاوض حوله بوساطة أميركية.
يذكر أن أولمرت كان قد لمّح في الماضي عن استعداده للانسحاب من الأحياء العربية الواقعة على مشارف القدس الشرقية مع الإبقاء على البلدة القديمة والأحياء المحيطة بها، إضافة إلى جبل الزيتون، تحت السيطرة الإسرائيلية في أي اتفاق يجري التوصل إليه مع الفلسطينيين.