strong>هدفها «تأمين حريّة لبنان واستقلاله» وتكريس مصر والسعودية «قائدين إقليميين»
«التزام جديد من أجل أمن شركائنا الاستراتيجيّين في المنطقة» أعلنت عنه وزيرة الخارجيّة الأميركيّة كوندوليزا أمس، قبيل ساعات من انطلاقها وزميلها في وزارة الدفاع روبرت غيتس في جولة شرق أوسطيّة تستمرّ 4 أيّام. الالتزام، الذي أساسه صفقة تسليحيّة مع بلدان الخليج العربي ومساعدات عسكريّة لمصر وإسرائيّل، يهدف إلى «إعطاء دفعة لقوى الاعتدال (في المنطقة) ودعم استراتيجيّة أوسع لمحاربة التأثير السلبي الذي يمارسه تنظيم القاعدة وحزب الله وسوريا وإيران» و«تأمين حريّة لبنان واستقلاله» على حدّ تعبير الدبلوماسيّة الأميركيّة.
وقالت رايس إنّها وغيتس سيلتقيان نظراءهما المصريّين والسعوديّين خلال زيارتيهما إلى القاهرة والرياض «لبحث كيفيّة إرساء الأمن والاستقرار في العراق» قبل لقائها مع وزراء خارجيّة دول «مجلس التعاون الخليجي» في شرم الشيخ «لمناقشة القضايا الإقليميّة»، موضحةً أنّهما سيتوجّهان بعدها إلى القدس المحتلّة وإلى رام الله في الضفّة الغربيّة «للتباحث في تطوير آفاق سياسيّة بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين».
وفي ما يتعلّق بالمحادثات مع الخليجيّين، لفتت رايس إلى أنّها ستركّز على صفقات الدعم العسكري البالغة 20 مليار دولار والمفترض إبرامها مع السعوديّة، التي ستحظى بحصّة الأسد منها، والإمارات وسلطنة عمان وقطر والبحرين، وستؤمّن «تمتين القدرات الدفاعيّة لشركائنا من خلال رزمة تكنولوجيا عسكريّة ستدعم قدراتها على تأمين السلام في الخليج العربي».
أمّا المساعدات العسكريّة لإسرائيل، وقيمتها 30 مليار دولار موزّعة على 10 سنوات، فهي ستؤمّن للدولة العبريّة «قدرة الدفاع عن نفسها»، بحسب رايس، كما أنّ تلك المقرّرة لمصر والبالغة 13 مليار دولار موزّعة على الفترة نفسها «ستقوّي القدرات المصريّة على تحقيق أهداف استراتيجيّة نشترك بها».
وشدّدت الدبلوماسيّة الأميركيّة على أنّ «تحديث» الترسانة العسكريّة للسعوديّة ومصر سترفع من قدرتي البلدين «في مواجهة التحدّيات التي يطرحها التطرّف» وستمتّن «دوريهما كقائدين إقليميّين» من أجل «مسعى السلام في الشرق الأوسط»، مشيرةً إلى أنّ مساعدها لشؤون الشرق الأوسط نيكولاس بيرنز سيزور المنطقة في منتصف الشهر المقبل «لإبرام جميع الصفقات بوجه نهائي».
وبعدما أوضح المسؤولون الأميركيّون، الذين سرّبوا أخبار صفقات التسليح الجديدة السبت الماضي، أنّ واشنطن تسعى من ورائها إلى «التعامل مع خطر استراتيجي متزايد تشكّله إيران وقوى أخرى» في المنطقة، اتّهمت طهران الولايات المتحدة بالسعي إلى «إثارة الخوف والانقسامات في الشرق الأوسط».
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمّد علي حسيني، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أمس، إلى أنّ «أميركا تتّبع سياسة واحدة دائماً في هذه المنطقة وهي محاولة إلحاق الضرر بالعلاقات الجيدة بين دولها»، موضحاً أنّ واشنطن «تبذل جهدها لتهيئة الفرصة لبيع أسلحتها وفرض تصديرها إلى الدول في المنطقة»، إلّا أنّ «ما تحتاجه منطقة الخليج الفارسي هو الأمن والاستقرار والسلام والرخاء والتنمية الاقتصادية».
بدوره، شدّد وزير الدفاع الإيراني الجنرال مصطفى محمّد نجار على أنّ «الجمهورية الإسلامية غير قلقة من تعزيز القدرات الدفاعية لدول مسلمة وصديقة». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانيّة «إيرنا» عن نجار انتقاده حرص الأميركيين في بيعهم أسلحة للمنطقة على «السماح للنظام الصهيوني بالحفاظ دوماًَ على تفوّقه العسكري».
ولفت نجّار، الذي ثمّن «تعزيز التعاون المشترك (بين دول المنطقة) وتجنّب ‌أيّ توتّر واحترام حسن الجوار»، إلى أنّه من حق كل دولة أن تنتج أو تشتري «الأسلحة التي تحتاجها من أجل تعزيز قدرتها العسكرية»، موضحاً أنّ «الأنظمة التي تهدف دوماً إلى الهيمنة من النيل إلى الفرات والاعتداء على سيادة الدول الإسلامية (هي التي) يجب أن تقلق»، وضمان أمن الخليج «هو الخيار المبدئي الوحيد لإحلال السلام والأمن في هذا الممرّ المائي الاستراتيجي».
وفي برلين، حذّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، روبرشت بولنتس، المنتمي إلى «الاتحاد المسيحي الديموقراطي» الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من عقود بيع الأسلحة الأميركية إلى الدول الخليجيّة، معتبراً أنّها قد تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة «لأنّها استراتيجية تنطوي على مخاطر كبيرة».
وقال بولنتس، في حديث نشرته صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» الألمانيّة، إنّه «عندما نضيف متفجرات إلى برميل بارود، نزيد من الخطر ولا نحسّن الأمن في المنطقة»، موضحاً أنّ عمليّات بيع السلاح المذكورة يمكن أن تدفع إيران إلى تسريع برنامجها العسكري الخاصّ بالتزود بالسلاح.
وفي السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن جاغر، في مؤتمر صحافي، «نحن نرى داخل الحكومة الفدرالية أنّه من مصلحة دول الخليج أوّلاً التوصّل إلى خفض التوتّر عبر الحوار السياسي». وأضاف: «ندعو إيران مرة جديدة إلى المشاركة في مثل هذه المحادثات بشكل بنّاء من خلال التعبير عن نياتها بطريقة واضحة».
واهتمّت صحيفة «دي بريسه» النمسوية بخطط الولايات المتحدة الرامية إلى توريد أسلحة للسعودية. وكتبت في عددها الصادر أمس أن «علاقة إسرائيل بالسعودية ليست على أفضل ما يرام، بل بشكل أدق يمكن القول إنّه لا توجد علاقة على الإطلاق. ولذلك، فإنّ المرء هناك (في إسرائيل) لن يشعر بالسعادة الشديدة لزيادة تسليح المملكة».
وأوضحت الصحيفة أنّه «نظراً إلى أنّ واشنطن لا ترغب في تصعيب الأمر على رئيس الوزراء (الإسرائيلي) إيهود أولمرت من دون داع، فإن إسرائيل ستحصل خلال الأعوام العشرة المقبلة على 30.4 مليار دولار كمساعدات عسكرية بزيادة نسبتها 43 في المئة عن العقد الماضي»، مشيرةً إلى أنّ رفع درجة تسليح إسرائيل هو أمر موجّه بشكل أساسي ضد إيران «التي تدعم بدورها جماعات مسلّحة مثل حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)».
ويمكن «بكل ثقة التشكك»، بحسب الصحيفة نفسها، في ما إذا كانت «خطى الولايات المتحدة لتسليح منطقة الشرق الأوسط ستسير في الطريق الصحيح لإحلال المزيد من الأمن والاستقرار في المنطقة»، لأنّ إرسال «المزيد من القنابل والفرقاطات والطائرات يزيد من احتمال استخدام السلاح في المنطقة مستقبلاً».
(أ ب، يو بي آي،
د ب أ، رويترز، الأخبار)