موسكو ــ الأخبار
على وقع التوتّر الحاد الذي تعيشه العلاقات الروسية ـــــ الأطلسية، افتتح يوم الثلاثاء في فيينا المؤتمر الاستثنائي للدول الثلاثين الموقّعة على معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا، بطلب من روسيا التي لوّحت أكثر من مرّة بالانسحاب من المعاهدة إذا لم يتم التجاوب مع شروطها وهواجسها.
والمعاهدة المذكورة، تضع حداً أقصى لعدد الطائرات العسكرية والدبابات والمدافع وبقية الأسلحة غير النووية في أوروبا، وهي وُقّعت عام 1990 في باريس قبل انهيار الاتحاد السوفياتي بين حلف شمالي الأطلسي وحلف وارسو. وتتضمن المعاهدة إجراءات لتعزيز الثقة بين المعسكرين السابقين، مثل إعلان المناورات الكبرى والشفافية عن طريق عمليات تفتيش متبادلة.
وعام 1999 عُدِّلَتْ في اسطنبول في قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي. ولم يصادق على النسخة الجديدة منها سوى روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأوكرانيا، ولم تنضم إليها دول البلطيق، كذلك جورجيا ومولدوفا، اللتان تشترطان سحب القوات الروسية أولاً من أراضيهما.
وفي 26 نيسان الماضي، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنذاراً صارماً إلى الغرب بأن موسكو يمكن «أن توقف عضويتها في المعاهدة أو الانسحاب منها، إذا استمرت الدول الغربية في المماطلة بالمصادقة عليها». وفي أيار الماضي، أعلنت موسكو تعليق تنفيذ المعاهدة، وطلبت أن يوقّع عليها جميع أعضاء شمالي الأطلسي الجدد ومنها لاتفيا وليتوانيا وإستونيا. وتصرّ روسيا على إدخال تعديلات تلحظ ازدياد عدد قوات دول الـ«الأطلسي» المطرد في أوروبا، ووجود قوات الحلف في كوسوفو، ونشر عناصر منظومة الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، علماً بأنه لم يتم إدراج البندين الأخيرين على جدول أعمال اللقاء.
ويرأس الوفد الروسي إلى فيينا رئيس دائرة الأمن ونزع التسلّح في وزارة الخارجية أناتولي أنطونوف، وهو يحمل تعليمات صارمة من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بعدم تقديم أي تنازلات بالنسبة إلى سحب القوات الروسية من مولدوفا وجورجيا. وبحسب الدبلوماسي الروسي، فإنّ طلبات بلاده تحمل طابع الإنذار، بما أنّ «روسيا لا تستطيع الاستمرار بتنفيذ المعاهدة المتقادمة العهد بأي ثمن وعلى حساب أمنها». ويشترط الحلف في المقابل، أن تكمل روسيا انسحاب قواتها من مولدوفا وجورجيا قبل المصادقة على تعديلات المعاهدة، على أن تؤخذ في الاعتبار مخاوف دول أخرى مثل تركيا، التي ترفض تعزيزات عسكرية من دون سقف على حدودها. ولهذه الأسباب، اقترح «الأطلسيون» على روسيا في الخامس من حزيران الحالي في بروكسل، قبول نشر قوة دولية متعددة الجنسيات في إقليم ترانسدينستريا الانفصالي الموالي لروسيا في مولدافيا، وردّ المندوب الروسي بأن مؤتمر فيينا ليس المكان المناسب لمناقشة هذه القضية.
وذكر رئيس الوفد الأميركي إلى الاجتماع، مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الأورو ـــــ آسيوية، دانيل فريد، أن روسيا تنفّذ «بالكاد» تعهداتها بالنسبة إلى جورجيا، لكنها لا تفعل ذلك بالنسبة إلى مولدوفا. وقال للصحافيين إثر انتهاء اليوم الأول من الاجتماعات المغلقة، إن موسكو لم تعلّق مشاركتها في المعاهدة كما هدّد أخيراً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن «الحلفاء طلبوا منها عدم القيام بذلك بلهجة معتدلة». وتأخذ القواعد الأميركية الجديدة في بلغاريا ورومانيا، قسطاً كبيراً من الانتقادات الروسية التي نفاها فريد قائلاً: «في بلغاريا ورومانيا... سيكون هناك وجود ضئيل أو لن يكون هناك وجود دائم لقواتنا، وهي لا تشكل تهديداً لروسيا». ويتخوّف الأطلسيون من خروج روسيا من المعاهدة، وعودتها إلى نشر قواتها على حدودها الغربية مع أوروبا، بينما تتمركز معظمها الآن بحسب المعاهدة، وراء جبال الأورال في القسم الآسيوي من روسيا التي تمتلك أكبر قوة عسكرية تقليدية في أوروبا.