غزة ـــ الأخبار
«حماس» تتبرّأ من «جيش الإسلام»... والمقاومة تشترط التهدئة المتبادلة

كرّست «القاعدة» وجودها رسمياً في الأراضي الفلسطينية أمس عبر شريط مصور لـ«جيش الإسلام» يعلن فيه المسؤولية عن خطف الصحافي الاسكتلندي ألن جونستون، ويربط إطلاقه بالإفراج عن زعيم «القاعدة» المعتقل في لندن أبو قتادة الفلسطيني، وهو ما استنكرته حركة «حماس»، وسط مخاوف من استغلال الإعلان إسرائيلياً للعدوان على قطاع غزة.
وبعد نحو شهرين على عملية اختطاف مراسل هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، خرج تنظيم «جيش الاسلام» عن صمته، وأعلن مسؤوليته عن العملية، مطالباً الحكومة البريطانية بالإفراج عن «معتقلين مسلمين في سجونها، في مقدمهم أبو قتادة الفلسطيني».
وأعلن متحدث باسم «جيش الاسلام»، في شريط مصوّر لم يظهر صورته، مسؤولية تنظيمه عن خطف جونستون. وظهرت في الشريط صورة للبطاقة الصحافية الخاصة بجونستون، وصورة لأبو قتادة الفلسطيني، فيما لم يظهر جونستون أو أي من الخاطفين، الذين حذروا من أي محاولة للافراج عن الصحافي المختطف بالقوة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ «الأخبار» إن كشف «جيش الاسلام» عن مسؤوليته، بعد فترة طويلة من التكتم الشديد، هو نوع من التحدي بعد وصول المفاوضات لإطلاق جونستون سلمياً إلى طريق مسدود.
وبحسب المصادر نفسها، فإن «جيش الاسلام» أراد من وراء إعلان المسؤولية استباق أي محاولة من السلطة لتحرير جونستون بالقوة.
وقال المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية، محمد المدهون، إن المطالب التي وردت في التسجيل هي المطالب نفسها التي قدمتها الجماعة خصوصاً للحكومة الفلسطينية. وأضاف أن هذه المطالب خارج حدود المناطق الفلسطينية، وأعرب عن اعتقاده بأنها غير قابلة للتنفيذ.
وعبّرت حركة «حماس»، على لسان القائد الشاب أيمن طه، عن رفضها «لهذا النهج الذي يمارسه بعض المحسوبين على الاسلام»، واصفة خطف جونستون بأنه «قضية غير اخلاقية تسيء إلى الاسلام». ورأت أنّ تبنّي مسؤولية الخطف «من شأنه أن يؤزم الامور ولا يسهم في حلها»، من دون أن يستبعد علاقة «جيش الاسلام» بتنظيم «القاعدة». وقال طه إن «العلاقة بين حماس وجيش الاسلام انتهت منذ فترة، لأنه اتخذ المنحى التكفيري، ولا ندري إذا ما أقام بعد ذلك علاقة وارتبط بالقاعدة أم لا».
وأشار طه إلى أن علاقة «حماس» بـ «جيش الاسلام» انتهت مع انتهاء علاقة الأخير بقضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. وقال طه «الآن لا علاقة لجيش الاسلام بموضوع شاليط لأنه موجود فقط لدى حماس ولجان المقاومة الشعبية».
وترددت معلومات في غزة قبل بضعة أشهر عن أن «حماس» اشترت نصيب «جيش الاسلام» في قضية شاليط بمبلغ كبير من المال، من دون تأكيد أي طرف صحة هذه المعلومات.
وسارعت وسائل إعلام محلية في غزة إلى نشر سيرة ذاتيه لأبو قتادة، الذي رهن «جيش الاسلام» مصيره بمصير جونستون. ويعدّ أبو قتادة المرشد الروحي لتنظيم «القاعدة» في أوروبا. وقد أمضى السنوات الخمس الاخيرة في السجون البريطانية بموجب قانوني مكافحة الإرهاب والهجرة.
ولم يستبعد استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر في غزة مخيمر ابو سعدة، ان تكون هناك علاقة لهذه الجماعة مع القاعدة. وقال لوكالة «فرانس برس»، إن «هذه محاولة على ما يبدو لتوطيد علاقة جيش الاسلام مع تنظيم القاعدة الدولي». وعبّر عن خشيته من أن يعطي الإعلان «مبرراً للجيش الاسرائيلي بأن يوسع عملياته في قطاع غزة على اساس أن اسرائيل ادّعت قبل ذلك أن هناك خلايا لتنظيم القاعدة في الاراضي الفلسطينية، وهذا يعطيها مبرراً لتوجيه ضربات عسكرية، وتقف الى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في محاربة الارهاب وتنظيم القاعدة».
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية انها تدرس «بشكل عاجل» التسجيل. وقالت، في بيان، إن «شريطاً كهذا يثير الاضطراب في نفوس عائلة آلن وأصدقائه وزملائه. نواصل العمل بشكل وثيق جداً مع السلطة الفلسطينية لمعرفة الوقائع ومحاولة تأمين الافراج عن آلن بسلام».
من جهة ثانية، ردّت فصائل المقاومة الفلسطينية بقوة على التهديدات الاسرائيلية المتنامية باجتياح قطاع غزة، ولا سيما إعلان وزير الدفاع الاسرائيلي عامير بيرتس بأن جيشه «قادر على خوض حرب أكبر من تلك التي خاضها الصيف الماضي على لبنان».
وقال المتحدث باسم «كتائب القسام» التابعة لـ «حماس»، أبو عبيدة، إن «الاحتلال لن يغامر في القطاع لأن هذه المغامرة ستكون بمثابة فشل جديد ولن تحقق أي نجاح». وأشار إلى أن فصائل المقاومة أعلنت عن غرفة عمليات مشتركة لتنسيق العمل العسكري المشترك بينها على صعيد التصدي ومقاومة الاحتلال.
وكانت فصائل المقاومة الخمسة الرئيسة، التي لها أذرع عسكرية وهي «حماس» و«فتح» والجبهتان «الشعبية» و«الديموقراطية» و«الجهاد الإسلامي»، قد اجتمعت في غزة، ليل الثلاثاء ـــ الأربعاء، لبحث «كيفية تجنيب الشعب الفلسطيني العدوان الاسرائيلي المحتمل من دون دفع ثمن سياسي مقابل ذلك».
وقال القائد في حركة «الجهاد الاسلامي»، خضر حبيب، إن الفصائل بحثت في موضوع التهدئة، وأجمعت على أن الكرة في الملعب الإسرائيلي، فيما الشعب الفلسطيني من حقه الدفاع عن نفسه. وأشار إلى أن الفصائل أكدت ضرورة أن تكون التهدئة شاملة ومتبادلة.
ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أن خبراء الصواريخ الاسرائيليين يؤكدون أن القذائف الصاروخية الفلسطينية المحلية الصنع باتت اكثر دقة وتحمل رؤوساً متفجرة أكبر. وأشار الخبراء إلى أن تقديرات الأجهزة الأمنية توضح أن الصواريخ الفلسطينية تستطيع ضرب مدينة اشدود التي تبعد أكثر من 30 كيلومتراً عن غزة.


نرفض النهج الذي يمارسه بعض المحسوبين على الإسلام، وخطف جونستون قضية غير أخلاقية تسيء إلى الإسلام، وتبنّي مسؤولية الخطف من شأنه أن يؤزّم الأمور ولا يسهم في حلّها