موسكو ــ حبيب فوعاني
تميّزت لقاءات وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في موسكو أمس، بتعتيم إعلامي كامل، طبع العشاء الذي تشاركته «في جو غير رسمي» مع النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية سيرغي إيفانوف، الأوفر حظاً لخلافة الرئيس فلاديمير بوتين.
وأبرز ما لفت المراقبين، لقاؤها مع الأمين العام لمجلس الأمن القومي الروسي إيغور إيفانوف، الذي يشرف على المفاوضات بشأن الملف النووي الإيرانيإضافة الى ذلك، التقت الوزيرة الأميركية نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حيث تم بحث مجموعة كبيرة من القضايا الثنائية والدولية، منها معاهدة خفض القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، التي سبق لبوتين أن هدّد بتجميدها رداً على نشر المنظومة الصاروخية الأميركية في أوروبا، إضافة إلى الملف النووي الإيراني، والتسوية في الشرق الأوسط، ووضع إقليم كوسوفو.
أمّا ذروة الزيارة، فكانت لقاء المسؤولة الأميركية مع بوتين في الكرملين أمس. ويبدو أنّ «النصر» الذي حقّقه الأخير في جولته الأخيرة الى آسيا الوسطى، أرخى بظلاله على اللقاء؛ فسيد الكرملين اتفق مع رئيسي تركمانستان وكازاخستان على مد خط أنابيب غاز جديد لضخ الغاز التركمانستاني عبر كازاخستان إلى روسيا. وبذلك دفن بوتين الأحلام الأوروبية بالتفاهم مع الرئيس التركماني الجديد، والتحرر بذلك من التبعية الكاملة لروسيا بشؤون الطاقة. ما سمح لصحيفة «زود دوتش تسايتونغ» الألمانية بالتأكيد أن بوتين «مرغ أنف الغرب بالتراب» أو بالغاز.
وبعد الاجتماع، استبعد رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية سيرغي كاراغانوف أن يكون بوتين قد تفاوض مع رايس حول المنظومة الصاروخية الأميركية لأن «بوتين عبّر عن موقفه بوضوح بأن روسيا لا ترى معنى لنشرها». وأكد كاراغانوف أن المباحثات بين الجانبين تطرقت إلى القضايا المتعلقة بإيران والعراق وكوسوفو وفلسطين.
ويبدو أن «الجزرة» الأميركية المتمثلة بإشادة رايس قبيل زيارتها لموسكو بـ «تعاون روسيا المثمر مع الولايات المتحدة بشأن إيران وكوريا الشمالية»، قد أثّرت إيجابياً على لقاءاتها مع المسؤولين الروس، فاتفق الطرفان على «خفض نبرة المجادلات العلنية والتركيز على قضايا معينة، منها منع انتشار الأسلحة النووية والتعاون حول الطاقة النووية السلمية»، كما صرح وزير الخارجية الروسي في ختام لقاء رايس مع بوتين.
ووصف لافروف المباحثات بأنها «صريحة وودية»، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين، لن تكون رهينةً للانتخابات الرئاسية المقبلة في الدولتين.
وكانت مهمة زيارة رايس الهادفة الى ترطيب الأجواء بين البلدين وإقامة «سلام فاتر» بدلاً من «الحرب الكلامية الباردة»، صعبة منذ البداية.
ولم يكن وزير الخارجية الألماني فرانك ـــــ فالتير شتاينماير، الذي التقى بوتين أمس أيضاً، في وضع أفضل، وهو الذي يزور موسكو بهدف إنقاذ قمة روسيا ــــ الاتحاد الأوروبي المقرّر عقدها في مدينة سمارا الروسية نهاية الأسبوع الجاري، والتي كانت مهددة بالالغاء بسبب العلاقات الروسية ــــ الإستونية ـــــ البولونية المتوترة.
وفي حصيلة اجتماع بوتين ــــ شتاينماير، أصرّ الرئيس الروسي على نيّة بلاده حل مشكلاتها مع الاتحاد الاوروبي، معتبراً أنّه «ليس ثمة صراعات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وإنما هي فقط مفاهيم مختلفة حول كيفية حل المشكلات».
ومن جانبه، تحدث شتاينماير، بصفته رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، عن مصالح مختلفة بين روسيا وبعض دول الاتحاد، وأكد «المهمة الملقاة على عاتق الجانبين، والمتمثلة في ألا يؤدي هذا الاختلاف في المصالح إلى حدوث صراعات سياسية كبيرة»، جازماً بأن القمة المرتقبة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا ستنعقد، إنما «ستكون صعبة».