strong>يحاول الغرب التقليل من شأن التقدم الإيراني في المجالات التكنولوجية النووية، لتهفيت كل ما من شأنه أن يُحسّن الموقع التفاوضي للنظام الإسلامي، وهو يلجأ لذلك إلى التشكيك في إعلان طهران دخولها مجال تصنيع الوقود النووي
رفضت إيران، أمس، الشكوك التي عبّرت عنها بعض الدول حول التقدم الذي تحرزه في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، متسلحة بمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإثبات صحة تصريحاتها، فيما عبر مسؤولون أميركيون عن تحدّيهم لإدارة الرئيس جورج بوش، باستعدادهم لزيارة طهران.
وبعد التشكيك الروسي بإمكان امتلاك إيران ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي، أعلنت متحدثة باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا أن «السبيل الوحيد (للتحقق من هذا الأمر) هو قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش» في موقع ناتنز النووي. وأضافت «وبالتالي لا يمكننا التأكيد ما إذا كان الإيرانيون يملكون عدداً من أجهزة الطرد المركزي أو إذا كانوا انتقلوا الى مرحلة تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي».
أما نائب وزير الخارجية الألماني غرنوت إرلر، فقال من جهته إن «هناك شكوكاً كثيرة بشأن وجود ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي بالفعل»، مضيفاً «سنحصل على مزيد من المعلومات على الأرجح في الأيام القليلة المقبلة حين يتوجّه مفتشو وكالة الطاقة إلى ناتنز». وأضاف «بالنسبة للاتجاه (لدى الإيرانيين) فإنه يشير إلى استمرار البرنامج (التخصيب)، لذا ينبغي أن يستمر الضغط الدولي الجماعي».
غير أن نائب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي، ردّ على هذه الشكوك بقوله، «قبل سنة، عندما أعلنّا أننا سننشر 164 جهاز طرد مركزي خلال شهر أو شهرين، تشكك كثيرون في هذا الإعلان إلى أن أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا التقدم».
ونقل التلفزيون الإيراني عن سعيدي قوله إن مفتشين من وكالة الطاقة، وصلا الثلاثاء إلى طهران على أن يتوجها «في الأيام المقبلة إلى منشآت ناتنز». وأضاف «كانوا يعتقدون ربما أننا سنحتاج الى مزيد من الوقت حتى الخريف مثلاً للانتقال الى مرحلة تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي. لكن بفضل جهود خبرائنا، انتقلنا الى مرحلة التخصيب الصناعي بسرعة أكبر».
كما رفض كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي لاريجاني، الشكوك الغربية. ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن لاريجاني قوله «قلنا دائماً إننا مستعدون لحل هذه المشكلة من خلال المفاوضات، والوضع الحالي للتقدم النووي الإيراني يمكن أن يمهّد الطريق أمامها أكثر من أي وقت مضى».
وأضاف لاريجاني، على هامش لقائه مع وزير الخارجية الأفغاني رنكين دادفر سبنتا في طهران، «نحن لا نرغب بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، ونعتبرها معاهدة جيدة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «على الغرب ألا يتصرف بشكل يجعل هذه المعاهدة تفقد أهميتها».
وفي السياق، أكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو أن المفاوضات في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي ومن دون شروط مسبقة هي الحل الوحيد للقضية النووية الإيرانية، مشيراً إلى أن فرض العقوبات سيؤدي الى نتائج عكسية.
من جهة أخرى، أعربت روسيا أمس عن «استغرابها» من قيام الدفاع الجوي في الجيش الإيراني بتدريبات قرب محطة بوشهر النووية، التي تتولى شركة روسية تشييدها في جنوب إيران. ونقلت وكالة أنباء «أنترفاكس» الروسية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين قوله «في السادس من نيسان، قامت قوات الدفاع الجوي الإيرانية بتدريبات بالمدفعية في موقع قريب من المحطة قيد الإنشاء من دون إبلاغ السفارة الروسية في طهران أو المسؤولين عن ورشة البناء».
إلى ذلك، وصف البيت الأبيض تصريحات نواب أميركيين ومنهم رئيسة المجلس النيابي نانسي بيلوسي حول بحث إمكان زيارة إيران بـ«المزعجة»، وذلك بعد زيارة قاموا بها لسوريا أثارت معارضة شديدة داخل الإدراة الأميركية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو «في الوقت الذي تضيف فيه تقارير الجيش الأميركي أدلة إضافية على تدخّل إيران في العراق بالتدريب والأسلحة التي تستخدم لقتل جنودنا، من المزعج أن بعض الديموقراطيين يعدّون ترتيبات سفر لزيارة إيران».
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي توم لانتوس قد أعلن أول من أمس أن النواب الديموقراطيين النافذين يبحثون إمكان التوجه الى إيران تحت شعار ضرورة «فتح حوار» مع طهران.
وقال لانتوس، خلال مؤتمر صحافي في سان فرانسيسكو حيث ناقش بيلوسي زيارتها الأخيرة لسوريا «في ما يخصني، أنا مستعد لركوب الطائرة غداً صباحاً».
وأضاف لانتوس، الذي سبق أن زار دولاً كانت معادية للولايات المتحدة مثل كوريا الشمالية وليبيا، «مهما كانت تصريحات (الرئيس الإيراني المناهض للصهيونية والذي ينفي حصول المحرقة) ظالمة وغير صحيحة ومثيرة للشكوك، من الأهمية بمكان أن نفتح حواراً معه».
بدورها، اعتبرت بيلوسي أن «تصريحات الرئيس الإيراني منفرة الى درجة تضعه خارج إطار التصرف الإنساني المتحضر»، لكنها أضافت «حين يعتبر شخص في وزن لانتوس وخبرته، أن من المهم فتح حوار، فأعتقد أن هذا الأمر يظهر أهمية الحوار».