موسكو ــ حبيب فوعاني
تقدّم الرئيس الأوكراني فيكتور يوشـِّينكو أمس بشكوى إلى المحكمة الدستورية الأوكرانية لاسترجاع ولو بعضاً من صلاحياته الرئاسية، التي انتزعها منه البرلمان (الرادا) نهار الجمعة، بواسطة القانون، الذي صوت عليه 366 نائباً من بين 370 حضروا جلسة البرلمان، الذي، يبلغ عدد أعضائه 450 نائباً.
والقانون الجديد يُدخل تعديلات جذرية على النظام السياسي في أوكرانيا، ويحوّلها إلى جمهورية برلمانية، ويجعل من رئيس الوزراء الحالي الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش “مستشاراً ألمانياً” بنفوذه السياسي، ويُفـْقِد الرئيس الأوكراني سلطته الفعلية ويجعل منه “ملكة بريطانية” بصلاحياته، حيث لن يستطيع الاعتراض على مقررات البرلمان المتعلقة بتأليف الحكومة أو التأثير في اختيار رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والخارجية، وتصبح “الرادا” بذلك حَكـَماً بين الرئيس الصوَري والحكومة.
ويعدّ اتخاذ هذا القانون أقوى ضربة يتلقاها يوشـِّينكو منذ مجيئه إلى السلطة مع “أميرة الثورة البرتقالية” يوليا تيموشينكو في أواخر عام 2004 بعد انتصارهما الكاسح آنذاك، وبدعم مادي ومعنوي مباشر من المنظمات الأميركية غير الحكومية، على مرشح الكرملين الرئاسي يانوكوفيتش.
وقد أدّت تيموشينكو، رئيسة الوزراء السابقة أو “جان دارك” الأوكرانية، دوراً حاسماً في اتخاذ القانون المذكور، وإنجاز هذا “الحدث البارز”، حسب تعبير يانوكوفيتش حليفها الجديد وعدوها السياسي إلى وقت قريب. فيما اتهم أنصار حليفها السابق الرئيس يوشـِّينكو زعيمة المعارضة الحالية بالخيانة، وأكدوا أنها بذلك تمهد الطريق لنفسها للعودة إلى ترؤس الحكومة، التي استقالت من رئاستها عام 2005، وذلك من خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي سيجد يوشـِّينكو نفسه في الوضع الجديد، مضطراً إلى تحديد موعد لإجرائها في نهاية الأمر، والتخلي عن مراوغته لعلمه بأنه لن يحصل على أصوات الناخبين “الديموقراطيين” الأوكرانيين الموالين للغرب، والتي ستذهب لصالح تيموشينكو.
وقررت تيموشينكو، تمهيداً للمعركة القادمة ولحشد التأييد الخارجي، زيارة إسرائيل. إذ من المعلوم أن الأسطورة حول جبروت “الحكومة العالمية” في تل أبيب لا تزال شائعة في الفضاء السوفياتي السابق منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث يسعى كل سياسي روسي أو أوكراني جديد إلى تسجيل حضوره عند حائط المبكى.
وكانت ماكينتها الإعلامية قد مهدت للزيارة بإطلاق الشائعات بشأن جذورها اليهودية. ولدى وصولها نهار الأحد إلى إسرائيل في زيارتها، التي ستسمر حتى التاسع عشر من الشهر الجاري، زارت على الفور متحف المحرقة التاريخي في مركز “يادفاشيم” التذكاري في القدس، ثم اجتمعت برئيس الوكالة اليهودية زئيف بيلسكي، ونائب رئيس الحكومة شمعون بيريز.
ويبدو ان تيموشينكو لن تنجو من الخسارة أمام البيروقراطي المتمرس يانوكوفيتش، لأن المواطن الأوكراني، وبعد ثلاثة أعوام من الحديث المتواصل والأجوف عن الجنة الغربية الموعودة، أصبح يدرك أن واشنطن و“ديموقراطيتها” وتل أبيب و “جبروتها” في مكان ما ناءٍ وراء البحور والمحيطات، فيما موسكو القابضة على حنفية الغاز أقرب إليه من حبل الوريد.