باريس ــ بسّام الطيارة
يبدو أن فرنسا أصبحت هدفاً دائماً للتهديدات التي تصدرها الجماعات المسلحة في الجزائر، ففي كل مرة تصدر الجماعات المتطرفة تهديدات الى الدول الغربية تكون فرنسا في رأس قائمة الدول المهددة نظراً للعلاقة التاريخية المبنية على إرث “استعماري” بين البلدين.
وفي آخر تسجيل تلفزيوني للقيادي في “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” عبد المالك دردوكال، المعروف بأبي مصعب الودود، دعوة إلى محاربة من سمّتهم “أبناء فرنسا وأولياء الصليبيين المحتلين لأرضنا”.
وحصلت “الأخبار” على معلومات من مصادر عديدة موثوقة جداً، على علاقة أمنية بمؤسسات صناعية كبرى تعمل في الجزائر، تشير إلى حدوث تغير نوعي في الخطر الذي يمثّله الإرهاب الجزائري اليوم على الأجانب العاملين في“المناطق المغلقة” التي تحرسها القوات الجزائرية والمحظورة بشكل عام على المواطنين.
والجدير بالذكر أنه قبل إذاعة شريط التهديدات الأخير في ١١ كانون الثاني من هذه السنة، فإن آخر حلقة من مسلسل “الأعمال الإرهابية المعلن عنها”، تعود إلى العاشر من كانون الأول في نهاية السنة الماضية، حين انفجرت عبوة ناسفة عند مفترق طريق بوشاوي، على بعد عشرة كيلومترات من العاصمة، لدى مرور حافلة تقل عمالاً من شركة “براون روت أند كوندور” الأميركية. وذهب ضحيتها سائق الحافلة وجرح عدد من ركابها بينهم لبناني وأربعة بريطانيين وكنديان وأميركي.
ورغم أن شهوداً ادّعوا أنهم “سمعوا أصوات تبادل إطلاق نار مباشرة عقب الانفجار”، وهو ما فسره بعض المراقبين بأنه قد يكون نتيجة اشتباكاً بين واضعي المتفجرات والحرس “الموجود بكثافة في المناطق المغلقة”، فإن المعلومات التي وصلت إلى “الأخبار” تؤكد أن التفجير جرى بسبب “خلاف بين متعهدي أشغال عامة على أحد عروض شق طرق”، وأن “دخول عناصر مسلحة إلى المناطق المغلقة أمر شبه مستحيل”، إلا في حال وجود تواطؤ مع العمال حاملي إجازات الدخول إلى ورش العمل. ويدعم هذه المعلومات عدم صدور أي بيان يتبنى الهجوم.
ولكن أخطر المعلومات المتسرّبة هو عن العمليات غير المعلنة، أو محاولات الأعمال الإرهابية التي تكتشفها مختلف أجهزة الأمن (الجزائرية والغربية) ولا يعلن عنها حتى لا تسبب هلعاً لدى العاملين الأجانب في المناطق الاقتصادية المغلقة.
وحسب المعلومات التي وصلت لـ “الأخبار” فإن أحد موظفي الأمن في شركة خدمات للمأكولات المتعاملة مع شركة نفطية غربية، وضع يده مصادفةً على خطة لتسميم العمال والموظفين الغربيين الذين تقدم إليهم الشركة وجبات الطعام داخل المناطق المغلقة.
وقد وجدت الشرطة مع عامل معتقل، خرائط مفصلة لمرافق المنطقة المعنية مع بيانات ولوائح بأسماء العاملين ومناطق وجودهم.
ويقول أحد الموظفين الأجانب الكبار إنه جرى الاتفاق على إبقاء الأمر سرياً حتى لا “يدب الهلع والخوف في نفوس الموظفين”.
وأسرّ لنا الموظف بأنه بسبب تهديدات الجماعة الأصولية “بات من الصعب إغراء الأجانب بالقبول بالهجرة والعمل في الجزائر”، إضافة إلى ارتفاع بوليصة التأمين التي أصبحت إجبارية بالنسبة إلى الغربيين”. ويتابع متسائلاً “فكيف تكون الحال إذا شاع هذا النوع من الإرهاب المرعب؟”.
ولم يُعرف حتى الآن ما هي المواد التي كان المشتبه فيه يود استعمالها في عمليته، التي وصفها البعض بأنها “كانت على نطاق واسع جداً”، وأنها كانت ستصيب قسماً كبيراً من العاملين في قاعدة الشركة النفطية. كما لم تكشف الأجهزة عدد المتورطين في العملية إلى جانب المقبوض عليه.
ويقول أحد المقربين من الأجهزة الأمنية إن خطورة العملية تجبر المسؤولين الأمنيين على التعامل معها بسرية تامة وإبقائها بعيدة عن الإعلام والأجهزة القضائية.