غزة ــ الأخبار
قرعت حركتا “فتح” و“حماس” طبول الاقتتال الداخلي، في أعقاب التباين الحاد الذي خلفته دعوة الرئيس محمود عباس إلى تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وحولتا قطاع غزة إلى ساحة “انقلاب” اتهمت كل منهما الأخرى بتنفيذه.
وشهدت مناطق عديدة في القطاع معارك دامية، بعد سلسلة اشتباكات وعمليات إطلاق نار استهدفت إحداها مكتب أبو مازن في مدينة غزة، فيما استهدفت أخرى وزير الشؤون الخارجية محمود الزهار، في ما يبدو أنها “محاولة اغتيال”.
وأدت الاشتباكات المسلحة، التي تواصلت منذ مساء السبت وطوال يوم أمس، إلى مقتل عنصر من قوات أمن الرئاسة وفتاة، وإصابة أكثر من 30 آخرين من الجانبين، بينهم مدنيون.
وقتلت الفتاة هبة مصبح (19 عاماً)، بعدما أُصيبت بعيار ناري في رأسها اثناء تزامن مرورها مع اشتباكات وصدامات مسلحة عنيفة بالقرب من منزل عباس في حي الرمال جنوب غرب مدينة غزة.
وبعد وقت قصير من مقتل الفتاة، أطلق مسلحون مجهولون قذيفتي هاون في اتجاه مكتب عباس على شاطئ البحر، غرب مدينة غزة، ما أدى إلى أصابة خمسة من أفراد قوات أمن الرئاسة.
وكان إسماعيل محمود (22 عاماً)، أحد عناصر قوات أمن الرئاسة، قتل في هجوم نفذه مسلحون مجهولون على موقع لتدريب قوات حرس الرئاسة في منطقة الشيخ عجلين جنوب غربي مدينة غزة فجر أمس.
وسبق ذلك إصابة نحو 20 فلسطينياً، في مدينتي رفح وخان يونس جنوبي القطاع، في اشتباكات بين أنصار الحركتين.
وفي مخيّم جباليا (شمالي قطاع غزة)، أفادت مصادر طبية فلسطينية بأن سبعة فلسطينيين من أنصار حركة «فتح» أُصيبوا بجروح عندما فتح مسلحون النار في اتجاه مسيرة حاشدة للحركة تاييداً للدعوة إلى انتخابات مبكرة.
كما أُصيب مراسل صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية ديدييه فرانسوا بالرصاص في محيط مقر الرئاسة الفلسطينية في غزة.
وأعلنت حركة “فتح” “حالة الاستنفار القصوى” في مختلف المواقع لمواجهة “عملية الانقلاب الدموي المبرمج” لحركة «حماس».
وتعرّض موكب الزهار لإطلاق نار كثيف لدى خروجه من مبنى الوزارة في حي الرمال، متوجهاً إلى مقر مجلس الوزراء القريب، للمشاركة في جلسة الحكومة.
وقال المتحدث الإعلامي باسم وزارة الشؤون الخارجية، طاهر النونو، لـ“الأخبار”، إن “الزهار نجا من محاولة اغتيال استهدفته عبر إطلاق النار بشكل مباشر وكثيف لدى خروجه من بوابة الوزارة”.
وجاء إطلاق النار على موكب الزهار بعد ساعات على إطلاق القيادي في كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة “فتح”، جون مصلح، تهديدات في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس أمام منزل القيادي في الحركة محمد دحلان، باغتيال هنية والزهار ووزير الداخلية سعيد صيام في حال مهاجمة حركة “حماس” دحلان.
وفي هذا السياق، وسّعت قوات أمن الرئاسة ما يسمى “المربع الأمني” المحيط بمنزل عباس ومكتبه ومقر الضيافة الواقعة في منطقة واحدة إلى الغرب من مدينة غزة.
ونصب مسلحون ملثمون من الحرس الرئاسي، تساندهم قوات الأمن الوطني وأخرى من جهاز الأمن الوقائي وعناصر من كتائب شهداء الأقصى، حواجز على الطرقات، وأغلقت الشوارع المؤدية إلى المربع الأمني الموسع.
واحتل مسلحون من الحرس الرئاسي مقري وزارتي الزراعة و“النقل والمواصلات” وطردوا الموظفين منها وأغلقوها بالأقفال والسلاسل الحديدية. وقال موظفون إن عناصر الحرس الرئاسي قالوا لهم إن “الوزارتين ستظلان مغلقتين إلى أن تعودا الى اصحابهما”، في إشارة إلى حركة “فتح”.
وطالب رئيس الوزراء إسماعيل هنية عباس بسحب قواته من الشوارع وإخلاء مقري وزارتي الزراعة والنقل والمواصلات، داعياً إلى تحييد المؤسسة العسكرية والوزارات المدنية.
كما دعا صيام عباس إلى القيام بالأمر نفسه، محذراً من “تفاقم الأوضاع سوءاً”، فيما رأى الزهار أن قوات عباس تنفّذ انقلاباً عسكرياً.