موسكو ـــ حبيب فوعاني
رغم مرور قرابة شهر على وفاة الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو، لا تزال قضية تسميمه تتفاعل وسط الدوائر الأمنية والقضائية الروسية والبريطانية لتمتد الى اسرائيل. ويبدو أن موسكو بدأت تعمل على استغلال هذه القضية لاستعادة من تعتبرهم “مجرمين” هربوا إلى الدولة العبرية.
وأعلنت النيابة العامة الروسية أنها تشتبه بضلوع المدير السابق لشركة “يوكوس” الروسية النفطية وأحد مالكيها السابقين، الملياردير الإسرائيلي ليونيد نيفزلين، في محاولة تسميم ليتفينينكو وزميله رجل الأعمال الروسي دميتري كوفتون بواسطة بخار الزئبق.
في المقابل، قال وزير خارجية الشيشان الأسبق المقيم في لندن وصديق الراحل ليتفينينكو، أحمد زكاييف، إنه لا يستغرب محاولات النيابة العامة الروسية «ربط تسميم ليتفينينكو بما يسمّى قضية يوكوس»، مشيراً إلى أن «الأمر بلغ بالمدعين العامين الروس، في حرصهم على إرضاء الكرملين، أن يصبحوا أضحوكة العالم كله».
يذكر أن السلطات الروسية تسعى منذ وقت طويل إلى استرداد نيفزلين، بلا جدوى، من إسرائيل، إلى حيث فرّ من الملاحقات الجنائية وحصل على الجنسية الإسرائيلية.
وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قد ذكرت في الخامس من الشهر الجاري، تحت عنوان “رهائن بوتين الإسرائيليون”، أن السلطات الروسية ترفض تسليم أربعة إسرائيليين، كانوا قد اعتقلوا بتهمة تهريب الماس في روسيا، إلى إسرائيل، وفقاً للاتفاقية التي عقدت بين الجانبين والتي تسمح للمدانين بارتكاب جرائم على أراضي إحدى الدولتين بقضاء عقوباتهم في دولتهم، وذلك لأن تل أبيب ترفض تسليم نيفزلين إلى موسكو.
وينتمي نيفزلين، وهو رئيس سابق للمؤتمر اليهودي الروسي، إلى مجموعة رجال الأعمال الذين جنوا ثروات فاحشة إثر انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، باستيلائهم على معظم الموارد الطبيعية لروسيا. ويسميهم الروس “الأوليغارشيين”.
وكانت النيابة العامة الروسية قد وجهت في 16 كانون الثاني 2004 إلى نيفزلين تهمة التهرب من دفع ضرائب يعادل مجموعها أكثر من مليار دولار ووضعته على لائحة المطلوبين الدولية في الإنتربول. وفي تموز 2004 وجّهت النيابة العامة إليه تهمة تدبير قتل رجل الأعمال الروسي سيرغي غورنيخ وزوجته. وفي آب 2006، دانت إحدى محاكم موسكو موظف الأمن السابق في شركة «يوكوس»، ألكسي بيتشوغين، بارتكاب جناية في تدبير جريمة قتل سيدة الأعمال فالينتينا كورنييفا ومحافظ مدينة نِفطِيوغانسك فلاديمير بيتوخوف. وذكرت المحكمة في حكمها أن بيتشوغين نفذ بذلك أوامر رئيسه السابق نيفزلين.
وليس مصادفة ظهور الزئبق في اتهام نيفزلين، إذ إن رئيس مجلس الإدارة الاستثمارية لبنك “ميناتيب” الروسي، ألكسي غولوبوفيتش، الذي أوقف في إيطاليا الربيع الماضي، اتـّهَم في إفادته أمام السلطات القضائية الإيطالية نيفزلين بتدبير محاولة تسميمه وعائلته بالزئبق بسبب النزاع على السيطرة على أموال وأملاك “يوكوس” خارج روسيا.
وكان نيفزلين قد قال لصحيفة “تايمز” البريطانية في نهاية تشرين الثاني 2006 إن ليتفينينكو سلّمه قبل وفاته معلومات تسلط الضوء على جوانب مهمة من “قضية يوكوس”، وإن ليتفينينكو هدّد بتسليم ما جمعه من معلومات إلى الشرطة البريطانية.