دمشق ــ ابراهيم عوض
العلاقة السورية مع فرنسا وبريطانيا، كانت محور حديث وزير الإعلام السوري محسن بلال، الذي حمّل الرئيس الفرنسي جاك شيراك مسؤولية تردي الأوضاع بين دمشق وباريس، متوقعاً تحسّن العلاقة مع لندن بعد زيارة موفد رئيس الوزراء طوني بلير إلى العاصمة السورية

رأى وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال، في حديث إلى «الأخبار» أمس، أن زيارة مستشار رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير للشؤون السياسية والأمنية، نيل شينولد، الى دمشق الأسبوع الماضي قادماً من واشنطن «تندرج في سياق استدراك الأوروبيين لخطأ المواقف التي اتخذوها من سوريا، ومحاولة للتحرر من التأثير الأميركي في قرارهم».
ووصف بلال اللقاء بين الرئيس بشار الأسد والموفد البريطاني بأنه «مفيد وبنّاء وشامل إذ بُحثت فيه جميع المسائل التي تشغل المنطقة بعمق وموضوعية، بما في ذلك الوضع في العراق وفلسطين ولبنان والجمود الحاصل في عملية السلام»، مشيراً الى أن الموفد حمل في جعبته صورة كاملة للتوجه السوري في المرحلة الراهنة وإجابات عن جميع الأسئلة التي جرى طرحها لوضعها بين أيدي المسؤولين البريطانيين الذين عليهم أن يقرروا الخطوة التالية.
وفيما رأى وزير الإعلام السوري أن العلاقات السورية ــ البريطانية آخذة في التحسن، تحدث بمرارة عما آلت اليه العلاقات بين باريس ودمشق. وكشف أن السفير الفرنسي تمنّى عليه، لدى زيارته الوداعية له قبل أيام، أن تسعى دمشق إلى تصحيح الأمور مع الرئيس جاك شيراك، حتى لا يورّث الأخير خلفه في الإليزيه غضبه على سوريا. وقد رد بلال عليه مشدداً على «رغبة سوريا في إقامة أفضل العلاقات مع فرنسا، لكنّ المشكلة ليست عندها بل عند الرئيس شيراك».
وذكّر وزير الإعلام السوري بالتعاون الذي كان قائماً بين البلدين عند بدء الحرب على العراق. وقال «يوم قلنا لا للحرب على العراق وأعلنّا ذلك في مجلس الأمن كانت فرنسا الدولة الصديقة إلى جانبنا، فرنسا سيدة السياسة في الجنوب والشمال المدافعة عن الفقراء والساعية إلى تقريب الهوة بين القطبين. كانت الكلمات في سوريا وفرنسا تتنافس من أجل مواجهة الحرب الأميركية على العراق. وهذا وزير خارجية فرنسا حينذاك دومينيك دو فيلبان، الذي تحدث بخطاب هائل الإيجابية، حذر فيه إدارة بوش من مخاطر الحرب على العراق، انصب في الإطار نفسه مع كلمة سوريا التي أخبرتهم أن الحرب إذا اندلعت فستنتج عنها نزاعات ومواجهات وإرهاب وزعزعة لمشروع السلام في المنطقة كلها».
وأوضح بلال «أن هذا الكلام جرى في الرابع عشر من شباط عام 2003. لكن أين الليلة من البارحة، بعدما التف الفرنسيون وعادوا الى الأطلسي من أجل مصالحهم المشتركة مع الولايات المتحدة».
ونوّه بلال بما أوردته افتتاحية «التايمز» البريطانية الأسبوع الماضي من «أن واحدة من المسائل التي كان فيها رأي الرئيس الأسد صائباً وحقيقياً هي قضية العراق». وأضاف أن «المنطقة مهددة بزعزعة الاستقرار فيها. والشرق الأوسط والأسرة الدولية مهددان بمثل ذلك. والآن نشاهد الاتحاد الأوروبي يغلي ونلاحظ كيف أن الأوروبيين في استنفار تام. هناك تخبّط في العراق وفي فلسطين، أطاح الحديث الأوروبي عن التحديث والإصلاح وتطوير الإنسان. هم يقفون اليوم مكتوفي الأيدي في العراق وفي فلسطين أمام اعتقال الوزراء وقتل النساء والأطفال. فقد دمرت في لبنان آلاف المنازل وقتل أكثر من ألف شخص وجرح ما يزيد على ثلاثة آلاف، ولم تستطع أوروبا أن تدين كل هذه المجازر».
وكرّر وزير الإعلام السوري التأكيد على رغبة سوريا في العودة الى مفاوضات السلام، معلناً جهوزيتها لذلك وفقاً «لمبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد وبإشراف دولي وأممي وبوضع الولايات المتحدة في دور غير متحيز لغطرسة الصهاينة على طاولة المفاوضات». ونقل بلال عن الأسد قوله إنه «في حال العودة الى المفاوضات فستنتهي في ستة أشهر» بعد إتمام المفاوضات السابقة، التي أنجز خلالها أكثر من90 في المئة من رزمة الاتفاق.
وشدّد بلال على أن سوريا سعت دائماً إلى إحلال سلام عادل وشامل في المنطقة، وهو السلام الذي يعيد الحق إلى أصحابه بدليل دعوات الرئيس الأسد المتكررة إلى تحقيق ذلك، وموافقة سوريا على المبادرة العربية التي أقرّتها قمة بيروت في آذار عام ألفين.