علي حيدر
أثار تحقيق أجراه التلفزيون الإيطالي احتمال أن يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي قد استخدم خلال الأشهر الأخيرة أسلحة تجريبية في قطاع غزة، تسبب إصابات جسدية بالغة، منها بتر الأطراف والحروق الشديدة.
وفيما رجّحت مصادر إسرائيلية مطلعة أن يكون السلاح المذكور هو السلاح المعروف بـ«DIME»، الذي طوّره الجيش الأميركي، نفى متحدث باسم جيش الاحتلال صحة ذلك، ورفض الإفصاح عن نوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، مكتفياً بالإشارة إلى أنها مسموحة وفقاً للقانون الدولي.
ويستند التحقيق، الذي بثته قناة «RAI 24 NEWS»، إلى شهادات لأطباء فلسطينيين عن جروح خطيرة تعرّض لها فلسطينيون ولا يوجد لها تفسير، وإلى فحوص مخبرية أجريت في إيطاليا. وبحسب شهادات الأطباء فإن عدداً كبيراً من المصابين بترت أرجلهم، من دون أن يكون هناك أثر لشظايا تعرضوا لها، إضافة إلى العثور على جثث احترقت بالكامل. كما أفاد الأطباء بوجود جزيئات داخل أجسام المصابين لم يكن ممكناً تشخيصها بواسطة التصوير الشعاعي.
وتروي الشهادات التي يسوقها التقرير، أن معظم الإصابات نجمت عن نيران أطلقتها طائرات استطلاع من دون طيار، وخاصة في شهر تموز الماضي.
ويعرض التحقيق شهادة مصورة المسؤول عن وحدة العناية الفائقة في مستشفى «شهداء الأقصى» الدكتور حبش الوحيدي، يقول فيها إن «أرجل المصابين قد بترت كأنما جرى استخدام منشار لقص العظام»، لكن من دون وجود أية دلائل على أن البتر حصل جرّاء شظايا معدنية، مشيراً إلى وجود علامات حروق ناجمة عن درجة حرارة عالية حول مكان البتر.
ويروي الدكتور جمعة السقّا، من مستشفى الشفاء، في شهادة أخرى، أن الأطباء لاحظوا «ثغراً» صغيرة في أجساد المصابين، وعثروا على آثار بودرة على أعضائهم الخارجية والداخلية.
وانطلاقاً من ذلك، أثار المحققون فرضية أن يكون الجيش الإسرائيلي يستخدم أسلحة مشابهة بطبيعتها لسلاح «DIME» الأميركي الصنع، والذي يختصر اسمه المفردات التالية: «مواد متفجرة مكثفة من معادن خاملة».
وللاطلاع على ماهية هذا السلاح، دخل المحققون إلى الموقع الإلكتروني الرسمي لمختبرات الأبحاث في سلاح الجو الأميركي، حيث أفادت المعلومات التي ينشرها الموقع بأن السلاح يعدّ من الأسلحة الفتاكة جداً ومهمته إصابة أهدافه بدقة بأقل أضرار محيطة ممكنة. وبحسب الموقع، فإن السلاح «أثبت فاعلية في تقليل الأضرار البيئية، وفي مساعدة المقاتلين على عدم فقدان التأييد الشعبي، وأساساً، في منع سقوط قتلى».
كما يفيد الشرح الذي يعرضه الموقع للسلاح المذكور، بأنه مؤلّف من غلاف مصنوع من ألياف كربونية، يوجد بداخلها مسحوق مادة التنغستون (التي تستخدم في صناعة الأسلاك المتوهجة داخل المصابيح الكهربائية) إضافة إلى مواد متفجرة. ويسبب الانفجار انتشار جزيئات التنغستون الفتاكة بدرجة حرارتها المرتفعة جداً، ضمن دائرة شعاعها 4 أمتار لتقتل كل ما في هذا المحيط. ويشير الموقع إلى أن السلاح لا يزال قيد التجربة ولم يستخدم بعد في ساحات القتال.
وفي ضوء هذه المعطيات، أرسل طاقم المحققين التلفزيونيين الإيطالي جزيئات عثر عليها على أجساد المصابين في قطاع غزة إلى الفحص المخبري في جامعة «فيريرا» في إيطاليا، حيث أفادت الدكتورة كرميلا فاكيو، من قسم دراسة المناجم في الجامعة، بأنها عثرت في المادة على «كميات من الكربون (الفحم) بتركيز عال جداً، بالإضافة إلى مركّبات أخرى غير عادية، مثل جزيئات نحاس وألومنيوم وتنغستون». وتخلص الدكتورة في إفادتها إلى استنتاج أن هذه الدلائل تتماشى مع التقدير بأن السلاح المستخدم هو «DIME».
ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن تكون قواته قد استخدمت السلاح المذكور، كما نفى وجوده في حوزتها. وقال معلّقاً على التحقيق «إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تبذل جهوداً لتطوير أسلحة ووسائل قتالية أقل فتكاً، لتقليل حجم الإصابات لدى غير المشاركين في القتال». وأضاف أن «الجيش يمتنع، لأسباب مفهومة، عن تفصيل الوسائل القتالية الموجودة بحوزته». كما زعم أن «الجيش لا يستخدم سوى الأسلحة التي يسمح بها القانون الدولي».