بول الأشقر
تنطلق الأحد المقبل الانتخابات العامة في الإكوادور، وهي دولة أميركية جنوبية محشورة بين جارين كبيرين هما البيرو وكولومبيا. وترجّح استطلاعات الرأي، التي لا تتمتع بصدقية كبيرة في الإكوادور لتمازج مصالحها مع القوى السياسية، تقدّم المرشح اليساري الراديكالي رافائيل كوريا، الذي يخوض معركة رئاسية للمرة الأولى من دون أن تحسم فوزه من الدورة الأولى.
وتشير الاستطلاعات إلى أن المركز الثاني سيشهد صراعاً قاسياً بين المرشح اليساري المعتدل ليون رولدوس، ورجل الأعمال اليميني ألفارو نوبوا، أحد أكبر مصدّري الموز في العالم، اللذين يخوضان ثالث انتخابات رئاسية.
وتحسم الانتخابات من الدورة الأولى إذا نال أحد المرشحين أربعين في المئة من الأصوات وتقدم بفارق عشرة في المئة من الأصوات على أقرب منافسيهوجديد هذه الانتخابات هو رفائيل كوريا، أصغر المرشحين الكبار سنّاً؛ فقد شغل مركز وزير المالية خلال أشهر في ولاية الرئيس الحالي فيلا ‏سكواباري، وتحوّل إلى زعيم وطني لكفاءته الاقتصادية وصلابة مواقفه إزاء وصفات صندوق النقد الدولي وتمايزه عن طبقة السياسيين التقليديين.
وميزة رافائيل كوريا الأخرى هي أنه صديق الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، إسوة بأوينتا هومايا الذي خسر الانتخابات في البيرو في الدورة الثانية، وبليوسيو غوتيرز الذي فاز في آخر انتخابات رئاسية في الإكوادور قبل أن يقال في أواسط السنة الماضية، وبايفو موراليس مع أن هذا الأخير حالة خاصة.
وبعكس هومايا وغوتيرز وتشافيز نفسه، لا ينتمي كوريا إلى سيرة «الضباط الجدد»، الذين حاولوا الانقلاب على الطبقة السياسية التقليدية قبل أن يعودوا بواسطة صناديق الاقتراع.
وكوريا، إذا كان من الممكن وصفه بـ «التشافيزية»، يمثل وصول «تشافيزية» اقتصادية، لا يندرج في الكليشيهات التي تلجأ إليها النخب الإقتصادية والإعلامية في القارة لـ«تجريم» صعود هذه الظواهر السياسية بعد تفسخ المشاريع النيو ـ ليبرالية.
رغم ذلك، لقّبه المرشح اليميني نوبوا بـ «كولونيل كوريا» وأخذ يلجأ إلى الله لـ«إبعــــاد خــــطر الشــــيوعية»، مـــا أدى إلـــــى اعتــــراض الكـــنيسة الرســـــمي.
أما رولدوس الاشتراكي فيراهن على الوصول إلى الدورة الثانية لتجميع باقي الطبقة السياسية ضد كوريا الطارئ عليها، وحول شعار «التغيير الإيجابي»، في تلميح صريح بأن التغيير الآخر هو مخاطرة.
الموضوع السياسي حاسم في الإكوادور، بمعنى أنه أحد مفاتيح الأزمة الإقتصادية الكبير.
وقرر كوريا عدم دعم أي مرشح إلى الانتخابات النيابية لأن خطوته الأولى ستكون الدعوة إلى انتخابات تأسيسية لتغيير الدستور والنظام السياسي.
ويبقى الأهم في تفسير شعبية كوريا أنه يتكلم لغة إقتصادية، وولايته إذا حصلت ستحاكم حول هذه النقطة بالأولوية.
منذ الأزمة الإقتصادية الكبرى التي أدت في عام ألفين إلى انهيار النظام المصرفي ووقف تسديد الدين الخارجي و«دولرة» الإقتصاد، وحتى من قبلها، وأياً كان الرئيس وخطابه الانتخابي، تجرّب الإكوادور المزيد من الدواء نفسه. كوريا يقول إن هذا الدواء هو الداء بنفسه، وإن له دواء آخر...