العراق ــ الأخبار
اسم رمضان في العراق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسوق الشورجة، حيث تنبعث من متاجرها روائح البهارات والتوابل المميزة.
غير أن رئة بغداد التجارية، «الشورجة»، لم تعد كالسابق تستقبل روادها بكثير من البهجة والفرحة بحلول شهر رمضان المبارك. فالتدهور المستمر للوضع الأمني بات يعوق المواطن عن الذهاب إليها وشراء حاجات رمضان، فضلاً عن عزوف أصحاب المحال التجارية في المحافظات عن التوجه إلى بغداد بسبب المخاطر التي يتعرضون لها في الطريقوالشورجة كلمة فارسية تعني «محل الشورة» أو «الماء المالح»، ويقال إن موقعها كان مستنقعاً، وربما مجموعة آبار أو مسطحاً للمياه الجوفية.
سوق الشورجة يبدأ من جوار المدرسة المرجانية المعروفة بـ «جامع مرجان» على الجانب الأيسر لشارع الرشيد قبالة سوق البزّازين، وشارع السموأل، ثم يأخذ السوق امتداداً عرضياً نحو شارعي الخلفاء والجمهورية، وتطل نهايته على شارع الكفاح وشارع غازي، الذي صار في السنوات الأخيرة شورجة جديدة تجمع بين تجارة السجائر والبورصة.
ويقول صباح حمدي، أحد تجار العطاريات في السوق: «هذه السنة هي الأكثر صعوبة علينا بسبب الأحداث التي شهدتها الشورجة من الحرائق الكارثية التي قدرت خسائرها بمليارات الدنانير مروراً بالتفجيرات وأعمال العنف الأخرى». ويضيف أن «العصابات تجوب السوق، تقتل وتختطف وتسرق وتمارس كل عمليات الإرهاب والترويع أمام الملأ ولا أحد يستطيع التصدي لها». وأبدى تخوّفه من تلاشي هذا السوق التراثي الكبير إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن.
وقال حبيب قادر عبد الله، وهو تاجر للبضائع والسلع المنزلية: «السوق يعاني ركوداً كبيراً منذ أشهر، والمتبضعون في نقصان مستمر». وأضاف أن «الشورجة، هذا السوق الحيوي، ربما يبقى منه الاسم فقط، إذا لم تكن هناك التفاتة من الحكومة لرعايته والاهتمام به». وأشار إلى أنه في «رمضانات أيام زمان، كانت الشورجة تزدحم بالمتبضعين». واستدرك: «هذه الأيام، وقبيل رمضان، لم نجد تلك الصورة، فقد غابت تماماً».
وقال أحمد سعد نوري، وهو تاجر للمواد الغذائية في الأربعين من عمره ويسكن منطقة الكرادة، إن «غالبية المحال التجارية أقفلت أبوابها وانتقل أصحابها إلى أماكن أخرى، إما خوفاً على حياتهم من القتل والاختطاف، أو نتيجة قلة المتبضعين بسبب الأوضاع الأمنية». وأضاف: «كنا، إذا اقترب موعد شهر رمضان، ملأنا متاجرنا بمختلف المواد التي عادة ما تحتاجها العائلة العراقية كالنشأ والدقيق والرز والطرشانة والسمسم والتين المجفف والجوز واللوز وغيرها».
وقال أبو علي، وهو مواطن جاء للتبضع، إن «الأوضاع الأمنية لا تسر، وعمليات الاقتتال الطائفي بدأت تأخذ حيزاً في الواقع العراقي، وهذا ما يدفعني إلى عدم الخروج من بيتي والاكتفاء بما يتوافر للمائدة الرمضانية في الأسواق القريبة من البيت».
وتقول رواء، وهي شابة جاءت إلى الشورجة بصحبة خطيبها نهاد: «جئنا إلى الشورجة على أمل شراء بعض الحاجيات المهمة، وخصوصاً أننا مقبلان على الزواج، لكن للأسف لم نشتر أي شيء». وأضافت: «ما إن نزلنا من السيارة تحت جسر المشاة الحديدي حتى شاهدنا شاباً يشهر مسدسه، وسمعنا شتائم تخدش الحياء، لذلك حاولنا الخروج من السوق والعودة إلى المنزل في أسرع وقت».
كما شدد مالك، وهو سائق تاكسي، على أن «التداعيات الأمنية والخوف جعلت السوق يغلق أبوابه ظهراً لتصبح الشورجة منطقة أشباح يسودها الصمت والوحشة ولا شيء غير اللصوص والعصابات».