القاهرة ـــ «الأخبار»
هل صحيح أن الجماعات الإسلامية اخترقت الجيش فى مصر؟ هل هناك خلايا سرية من الضباط تعمل وفق خطة من التنظيمات الأصولية الإسلامية؟ هل فكرت الجماعات الإسلامية فى الوصول الى الحكم عبر انقلاب عسكري؟
أسئلة طرحتها أسبوعية «الفجر» وهى تعرض تقريراً عن كتاب «الجيش والسياسة فى مصر مبارك» للباحث الأميركى روبرت ساتلوف صادر عن «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى». الصحيفة، وهي واحدة من أهم الصحف المستقلة فى مصر، قالت إنها حصلت على التقرير من هيئة الرقابة على المطبوعات الواردة الى مصر، مشيرة الى أن الكتاب كان وارداً الى الجامعة الأميركية في القاهرة.
والمثير، بحسب الصحيفة، «ليس فقط طرح النقاش حول موضوع سري مثل علاقة الجيش بالسياسة وخاصة فى عهد مبارك، بل أيضاً فى كون الكتاب يناقش، من وجهة نظر واحدة، تأثير ما يحدث فى الجيش وعلاقته بالسياسة في المصالح الأميركية فى مصر».
وترى «الفجر» أن هدف الكتاب دراسة هذا التأثير، مشيرة الى أن الرصد اعتمد، على ما يبدو، على أخطاء معتادة فى الأبحاث الأميركية ولعل أبسطها الخلط بين الأمن المركزي والجيش، فالقوات التى تتبع الشرطة، من وجهة نظر خاطئة لكنها رائجة فى أبحاث أميركية، هي فرع من الجيش.
تقرير الرقابة، الذي نشرت الصحيفة مقتطفات منه، يشير الى أن الكاتب يرى أنه «على عكس السياسات التى رسمها بخفض ميزانية القوات المسلحة والحد من دورها فى الحياة العامة، فإن الرئيس مبارك يرحب بزيادة الإمكانات العسكرية المشاركة فى تنمية مصر اقتصادياً وتنشيط قدرة القوات المسلحة لكفالة استقرار الجبهة الداخلية».
ويوضح التقرير أن الكاتب يلاحظ فى الوقت نفسه أن مبارك حرص على تقليص الوزن العسكري من أجل مزاولة حقيقية للسلطة، وذلك من خلال ما يلي:
أولاً: جرى إقصاء مصر عن أي تحالف عربي ضد إسرائيل، وبهذا فقدت للمرة الأولى على امتداد عقدين، دورها المباشر.
ثانياً: بدأت التيارات الإسلامية الأصولية بإيجاد اختراقات داخل القوات المسلحة، وخاصة بين الرتب المميزة فى تشكيلات هذه القوات، مما أدى إلى التأثير على فعالية واستراتيجية الجيش.
وتشككت «الفجر» فى مصدر معلومات الكاتب الأميركى، وتساءلت "من أين أتى بمعلومات عن فكرة الاختراق. وما هي دلائل الاختراق أو تأثيره على فعالية الجيش المصري؟ هل حصل على المعلومات من الجماعات الإسلامية؟ الكلام عما يخص الجيش ممنوع، فمن أين أتى الكاتب الأميركى باليقين الذي يتحدث به عن اختراق الجماعات الإسلامية للجيش؟».
وأطلقت الصحيفة المصرية «القنابل المتفجرة» على حكايات التقطها التقرير من الكتاب: «حكايات تفيد بأن النزاع والتنافر قد انتشر بين كبار الضباط فى أعقاب محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق حسن أبو باشا فى أوائل أيار 1987، حين أسفرت التحريات عن الكشف عن واحد من أخطر التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة، وأوكل الرئيس مبارك آنذاك إلى رئيس الأركان الفريق إبراهيم العرابى شخصياً مهمة القبض على المتطرفين من العسكريين، فيما كان المسؤول الأول عن القوات المسلحة المشير أبو غزالة يفتقد الى ثقة مبارك به».
وتعلِّق الصحيفة «لا نعرف هنا هل خلط الكاتب بين ضباط الأمن المركزي وضباط الجيش (حسب الخطأ المعهود فى النظرة الغربية)؟».
وتتابع الصحيفة «وبالنسبة إلى مشكلة الكوادر الأصولية المتأسلمة فى القوات المسلحة والمتعاطفين معهم، أوضح الكاتب أن النظام الأمني للقوات المسلحة تمكن فى تموز عام 1986 من القبض على 33 عنصراً، من بينهم أربعة ضباط، بسبب تورطهم فى إشعال حرائق فى مسرحين وأربعة نوادٍ للفيديو أظهرت التحريات انضمامهم إلى جماعات الجهاد الإسلامي التى حاولت الإطاحة بالنظام عقب اغتيال الرئيس السابق أنور السادات عام 1981».
ويبدو من التقرير أن الكتاب خطر، ليس فقط لأنه يكشف أسراراً لا يعرفها أحد عن الجيش المصري الممنوع الاقتراب منه، ولكن لأنه يكشف الطريقة التى تنظر بها المصالح الأميركية إلى موضوع حساس مثل هذا: الجيش.