يبدو أن الولايات المتحدة تذكّرت أخيراً أن أسلحتها الانشطارية استخدمتها إسرائيل في لبنان خلال أكثر من شهر من العدوان، فباشرت “تحقيقاً” في ما إذا كان استخدام جيش الاحتلال للقنابل العنقودية قد خرق الاتفاقيات السرية مع واشنطن، التي تحدد ظروف استخدامها.وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن مكتب السيطرة على تجارة الأسلحة في وزارة الخارجية الأميركية بدأ التحقيق هذا الأسبوع بعد تردّد تقارير تحدّثت عن العثور على ثلاثة أنواع من الذخائر العنقودية الأميركية الصنع المضادة للأفراد في مناطق عدة من جنوب لبنان مما أدى إلى خسائر مدنية.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية غونزالو غاليغوس قوله “لقد سمعنا بالمزاعم عن استخدام هذه الذخائر، ونسعى إلى الحصول على مزيد من المعلومات”. وأعرب مسؤولون أميركيون، حاليون وسابقون، عن شكوكهم في إمكان أن يؤدي التحقيق إلى فرض عقوبات على إسرائيل، لكن القرار بفتح التحقيق، برأيهم، قد يكون الهدف منه “مساعدة” إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش على خفض الانتقادات التي تتعرض لها من قبل الحكومات العربية بسبب دعمها للعمليات العسكرية الإسرائيلية. ورجحت “نيويورك تايمز” أن يركز التحقيق على ما إذا كانت إسرائيل قد أبلغت الولايات باستخدام الذخائر، وما إذا كانت الأهداف التي استخدمت ضدها عسكرية حصراً. وقال مسؤولون إن وزارة الخارجية تعتمد، حتى الآن، على تقارير الأمم المتحدة ومعلومات المنظمات غير الحكومية العاملة في جنوب لبنان.
وقال الناطق باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن دافيد سيغيل “لم نبلغ حتى الآن بمثل هذا التحقيق، وعندما نبلغ سنكون سعداء بتقديم الإجابة”.
وتعود الاتفاقات التي تحكم استخدام إسرائيل للذخائر العنقودية الأميركية الصنع إلى سبعينيات القرن الماضي، لكن تفاصيلها لم تعلن مطلقاً.
وأشارت الصحيفة إلى أنه جرى توقيع الاتفاقية الأولى عام 1976 وأعيد تأكيدها عام 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وأفادت أنباء أنه يسمح باستخدام الذخائر العنقودية حصراً ضد الجيوش العربية النظامية والأهداف العسكرية المحددة بدقة وفق ظروف مشابهة للحربين بين إسرائيل والعرب عامي 1967 و 1979.
وكشف تحقيق أجراه الكونغرس بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 أن إسرائيل استخدمت الذخائر العنقودية ضد أهداف مدنية في خرق للاتفاقيات الموقعة مع الولايات المتحدة، مما دفع إدارة الرئيس رونالد ريغان إلى فرض حظر على بيع الذخائر العنقودية لإسرائيل لمدة ست سنوات. وكان مركز تنسيق جهود نزع الألغام التابع للأمم المتحدة قد أكد يوم الأربعاء الماضي أن فريقه العامل في لبنان عثر على ذخائر عنقودية غير منفجرة، بينها مئات النماذج الأميركية الصنع، في 249 موقعاً جنوبي نهر الليطاني.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي أن إسرائيل ألقت قنابل عنقودية على 170 قرية جنوبية على الأقل خلال عدوانها. واتهم المسؤول إسرائيل بتعمّد إصابة المناطق التى تحوي مباني كثيرة بهذه القنابل في انتهاك للقانون الدولي الذي ينص على ضرورة عدم استخدام هذه القنابل في مناطق فيها مدنيون. وذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن إسرائيل استخدمت هذه الأسلحة في عشرة مواقع على الأقل. وقال أحد مسؤولي المنظمة، كينيث روث، "بسبب طبيعتها التي تسمح لها بالانتشار على مدى واسع، يجب عدم استخدام الذخائر الانشطارية في مناطق مأهولة بالسكان”.
(أ ب، رويترز ، أ ف ب، يو بي آي)