تسعى كوريا الشمالية إلى إظهار حفاظها على المبادرة، بالرغم من الضغوط التي تواجهها من مختلف الأطراف. ففي الوقت الذي تعكف فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها على المطالبة بالمزيد من العقوبات على بيونغ يانغ، أعلن مندوب هذه الأخيرة لدى الأمم المتحدة هان تاي سونغ، خلال مؤتمر أممي لنزع أسلحة الدمار الشامل في جنيف، أن بلاده «هيّأت هدية جديدة» لواشنطن.
وقال إن «إجراءات الدفاع عن النفس التي تتخذها بلادي، جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية في الفترة الأخيرة، هي هدية موجهة للولايات المتحدة دون غيرها». وأضاف أن «الولايات المتحدة ستتلقى المزيد من الهدايا من بلادي، ما دامت مستمرة في الاستفزازات المتهورة وفي محاولاتها العقيمة للضغط على بلادنا».
وجاء التلويح الكوري الشمالي في وقت أعلن فيه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية تحوّل إلى تهديد خطير وعالمي.
أما على الجهة الأميركية، فقد كشف الرئيس دونالد ترامب، أمس، في تغريدة على موقع «تويتر»، أنه يجيز لليابان وكوريا الجنوبية شراء أسلحة أميركية «فائقة التطور». ولم يوضح ترامب على الفور أي نوع من الأسلحة يعني، لكنه أثار هذا الموضوع، أول من أمس، خلال محادثة هاتفية مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي ان. وقال البيت الأبيض إن «الرئيس ترامب أعطى موافقته المبدئية على شراء كوريا الجنوبية من الولايات المتحدة معدّات عسكرية وأسلحة بعدّة مليارات من الدولارات»، من دون أن يدلي المصدر بأي تفاصيل إضافية.

فلاديمير بوتين: التهديدات العسكرية قد تؤدي إلى كارثة عالمية

إلا أن الرد الأبرز على كل المحاولات الأميركية، صدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أكد أن تشديد العقوبات على كوريا الشمالية، بسبب برنامجها الصاروخي النووي، سيأتي بنتائج عكسية، موضحاً أن التهديدات باتخاذ إجراءات عسكرية قد تؤدي إلى «كارثة عالمية». وجدد بوتين، في تصريحات بعد قمة لمجموعة «بريكس» في الصين، دعوته إلى المحادثات قائلاً إن بيونغ يانغ لن توقف برنامج الاختبار الصاروخي حتى تشعر بالأمان. وقال للصحافيين: «نحن ندين التدريبات الكورية الشمالية، ونعتبرها استفزازاً. (غير أن) تصعيد الهستيريا العسكرية لن يؤدي إلى أي خير. بل قد يؤدي إلى كارثة عالمية». وأضاف أنه «لا يوجد طريق آخر غير الطريق السلمي».
وجاءت تصريحات بوتين بعد إعلان كوريا الجنوبية أن اتفاقاً مع الولايات المتحدة على رفع القيود عن أوزان الرؤوس الحربية، سيساعدها على الرد على تهديد كوريا الشمالية بعدما أجرت بيونغ يانغ سادس وأكبر اختبار نووي لها منذ يومين.
وبينما وصف بوتين أي عقوبات إضافية بأنها «طريق لا يؤدي إلى أي شيء»، قال إن روسيا مستعدة لمناقشة «بعض التفاصيل» بشأن المسألة. وانتقد الولايات المتحدة، قائلا: من غير المعقول أن تطلب واشنطن مساعدة موسكو في مسألة كوريا الشمالية، بعدما فرضت عقوبات على شركات روسية اتهمها مسؤولون أميركيون بخرق العقوبات على كوريا الشمالية. وأكد بوتين أنه «أمر سخيف أن تضعنا على قائمة (العقوبات) نفسها مع كوريا الشمالية، ثم تطلب مساعدتنا في فرض عقوبات عليها». وأضاف متهكماً: «هذا أمر يفعله أشخاص يختلط عليهم الأمر بين أوستراليا والنمسا».
وكانت الولايات المتحدة قد طرحت فكرة تتطلب من كل الدول قطع الروابط الاقتصادية مع كوريا الشمالية. وفي حالة موسكو، يعني ذلك وقف استخدام العمالة الكورية الشمالية التي تصل إلى عشرات الآلاف من العاملين في روسيا، ووقف إمدادات الوقود لبيونغ يانغ، الأمر الذي ترفض روسيا البحث فيه.
في غضون ذلك، واصلت كوريا الجنوبية تهديداتها الموازية للتهديدات الأميركية، وفي آخر مطالباتها تقديم مقترح إلى مجلس الأمن لبحث إمكانية قطع إمدادات النفط عن كوريا الشمالية، وذلك رداً على تجربتها النووية السادسة. وأعلن القصر الرئاسي، في بيان، أن «الرئيس الكوري بحث ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مقترح قطع إمدادات النفط عن كوريا الشمالية، خلال مباحثاتهما التي جرت عبر الهاتف»، وفق وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية الرسمية. وخلال مباحثاته مع نظيره الروسي، التي استغرقت 20 دقيقة، قال مون: «حان الوقت ليناقش مجلس الأمن الدولي سبل تجفيف مصادر العملة الأجنبية لكوريا الشمالية، بما في ذلك منع تزويدها بالنفط، ومنعها من تصدير مواطنيها للعمل بالخارج».
لم تنتهِ الضغوط الدولية من أجل المزيد من الحصار على كوريا الشمالية، فقد أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون فرض مزيد من العقوبات على كوريا الشمالية، بسبب برنامجها الصاروخي النووي، خلال مطلع الأسبوع، معتبرة أن هناك حاجة ملحة لذلك. وأبلغت ميركل مجلس النواب (بوندستاغ) أن «تجارب كوريا الشمالية النووية انتهاك صارخ لكل الشروط الدولية». وتابعت: «أقول بوضوح وباسم كل الحكومة... لا مجال إلا لحل دبلوماسي سلمي».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)