في فصل جديد من فصول التفسخات التي يعيشها المجتمع الأوكراني الهشّ التركيبة، أعلن المحتجون المعارضون في مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا أمس، إنشاء «جمهورية دونيتسك الشرقية»، وشكلوا «مجلساً شعبياً»، وطلبوا من موسكو إرسال قوات حفظ السلام لاستعادة الاستقرار في الإقليم.
وكان المحتجون قد صوتوا خلال اجتماع جرى بينهم يوم أمس، لمصلحة بيان بشأن سيادة جمهورية دونيتسك الشعبية. وأوضح أحد قادة المحتجين أن قرارات المجلس ستدخل حيز التنفيذ بعد إجراء استفتاء شعبي حولها. وقرر المحتجون أن هذا الاستفتاء يجب أن يجري بحلول 11 أيار المقبل، موضحين أن هذا الموعد نُسِّق مع النشطاء المعارضين في مقاطعتي لوغانسك وخاركوف. كذلك يواصل المحتجون المعارضون للسلطات الجديدة تعزيز المتاريس التي أقاموها أمام مقر إدارة المقاطعة، كذلك فإنهم استولوا فجر أمس على فرع جهاز الأمن الأوكراني. وبدأ المحتجون تعزيز محيط المبنى للتصدي لأي محاولة لطردهم منه.
وردّ رئيس وزراء أوكرانيا أرسيني ياتسينيوك على الاحتجاجات شرق البلاد بالقول إنها جزء من خطة لزعزعة استقرار أوكرانيا وإدخال القوات الروسية. وأضاف في اجتماع حكومي: «القوات الروسية على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية. في الواقع، لم تسحب القوات. ثانياً إن الاحتجاجات العديدة التي جرت قبل شهر اختفت، لكن مجموعة من ما بين ألف و1500 شخص يتحدثون بلكنة روسية واضحة بقوا في المنطقة. وبتنسيق مع جهات خاصة من دول أجنبية، نظموا أعمال شغب واختاروا الاستيلاء على مبانٍ عامة وزعزعة الاستقرار».
سيجري الاستفتاء على «جمهورية دونيتسك الشرقية»
في 11 ايار
كذلك قال القائم بأعمال الرئيس الأوكراني أولكسندر تيرتشينوف، إن التحركات الانفصالية في شرق أوكرانيا تُظهر أن روسيا تعد «مرحلة ثانية» من العمليات الخاصة، بهدف تقسيم أوكرانيا. وذكر عبارة «سيناريو القرم» في إشارة إلى سيطرة موالين لروسيا على شبه جزيرة القرم وضم موسكو إليها.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الروسية أنّ «من الصعب أن تستقر الدولة الأوكرانية لفترة طويلة دون إجراء إصلاح دستوري حقيقي يضمن قيام فيدرالية تؤمن مصالح جميع الأقاليم في البلاد، وجعلها دولة خارج الأحلاف، وتمكين الدور الخاص للغة الروسية». وقال بيان صادر عن الخارجية الروسية أمس إن «روسيا تراقب عن كثب ما يجري في الأقاليم الشرقية والجنوبية لأوكرانيا، من بينها دونيتسك ولوغانسك وخاركوف». وأكد البيان أن «استمرار القوى السياسية، التي تطلق على نفسها السلطة الأوكرانية، بالتعامل دون مسؤولية حيال مصير البلاد ومصير الشعب يجعل أوكرانيا ستصطدم بصعوبات وأزمات جديدة». ودعا البيان السلطات في كييف إلى «الكف عن توجيه الاتهام إلى روسيا في جميع مصائب أوكرانيا الحالية، الشعب الأوكراني يريد أن يسمع من كييف رداً واضحاً على جميع الأسئلة، حان الوقت للاستماع إلى هذه المطالب الشرعية».
في هذا الوقت طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهاز الأمن (إف.إس.بي) أمس، أن يظل في حالة تأهب للتصدي لهجمات المتشددين، وقال إن روسيا يجب ألا تسمح للمنظمات غير الحكومية بأن تُستخدم لأغراض «تدميرية» مثلما «حدث في أوكرانيا».
وحث بوتين أيضاً جهاز الأمن على ألا يتخلى عن يقظته إزاء هجمات المتشددين بعد انتهاء دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي، وزيادة اليقظة في المنطقة القطبية الشمالية وإلى الجنوب لمنع وقوع هجمات على روسيا، مؤكداً أننا «نحتاج إلى معرفة الفرق بين المعارضين المتحضرين للسلطات وبين خدمة مصالح قوى أجنبية تضر ببلادنا.»
إلى ذلك، حثت واشنطن أمس، الرئيس الروسي على التوقف عن «زعزعة استقرار» أوكرانيا، معربةً عن «قلقها» حيال «التصعيد» الحاصل في هذا البلد بسبب «الضغوط الروسية المتعاظمة».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، محذراً: «نحن على استعداد لفرض عقوبات جديدة على الاقتصاد الروسي». وتابع: «ندعو الرئيس بوتين وحكومته إلى وضع حد لجهودهم بهدف زعزعة استقرار أوكرانيا»، محذراً من أن أي توغل للقوات الروسية في شرق البلاد سيُعَدّ تصعيداً خطيراً.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)