بعدما سيطر هدوء نسبي على مدن شرق أوكرانيا في اليومين اللذين تليا مجزرة مدينة أوديسا، تجددت الاشتباكات أمس على تخوم مدينة سلافيانسك التي تحاصرها القوات المسلحة الأوكرانية التي اتهمتها موسكو، في «كتاب أبيض»، بانتهاك حقوق الانسان بـ«كثافة»، محذرة من عواقب مدمرة على الأمن الأوروبي.
وأفادت المعلومات بأن القوات الحكومية الأوكرانية المحتشدة قرب سلافيانسك بدأت تنفيذ عملية عسكرية جديدة ضد جماعات الانفصاليين، حيث أكد زعيم الحزب الشيوعي الأوكراني أناتولي هيميليفوي أن العملية العسكرية بدأت بعدما استكمل الجيش تعزيزاته في المنطقة.
وقالت المتحدثة باسم الانفصاليين ستيلا خوروشيفا إن عدداً كبيراً من الانفصاليين قُتلوا خلال الاشتباكات، من دون أن تكشف عن الرقم الحقيقي للقتلى. وأوضحت أن بين القتلى عدداً من المدنيين، مبينةً أن الجيش الأوكراني منع سيارات الإسعاف من دخول المنطقة لإجلاء المصابين. وذكر شهود عيان أن العملية العسكرية انطلقت في منطقتي أرتيما وكومبيكورنسك. وقالت وزارة الدفاع إن طائرة هليكوبتر عسكرية أوكرانية أسقطت خلال الاشتباكات بالقرب من سلافيانسك، لكن قادة الطائرة نجوا من الحادث.
من جهته، أكد وزير الداخلية الأوكراني أرسن أفاكوف أمس أنه أرسل وحدة جديدة من القوات الخاصة إلى مدينة أوديسا الساحلية الجنوبية بعد فشل الشرطة «المشين» في التعامل مع انفصاليين مؤيدين لروسيا، خلال أعمال العنف التي وقعت في مطلع الأسبوع وقتل فيها العشرات. وقال أفاكوف إن قوة أوديسا الجديدة مكوّنة في الأساس من «ناشطين مدنيين يريدون مساعدة المدينة الواقعة على البحر الأسود في هذه الأيام العصيبة». وتم عزل قيادة الشرطة المحلية بالكامل، ويمكن أن يواجه أفرادها إجراءات جنائية.
من جهة أخرى، دعت موسكو أمس سلطات كييف إلى وقف إراقة الدماء وسحب قواتها، والجلوس إلى طاولة الحوار من أجل البدء بعملية الحل السياسي للأزمة. وجاء في بيان للخارجية الروسية أن «العملية التنكيلية التي تقوم بها القوات الأوكرانية ستتسبب بسقوط ضحايا جدد بين المدنيين العزّل». وأكد البيان أن حصار القوات المسلحة الأوكرانية للمدن سيؤدي إلى «كارثة إنسانية»، ويظهر هذا، حسب البيان، في نقص الأدوية وتوقف وصول المواد الغذائية. وذكر بيان الخارجية أنه لم تكد تنتهي أيام الحداد على ضحايا مأساة أوديسا، حتى بدأت في مناطق شرق أوكرانيا عمليات سفك للدماء.
عرض الأمين
العام للأمم المتحدة التوسّط لإنهاء الأزمة
في هذا الوقت، رأى رئيس لجنة مجلس الدوما (النواب) الروسي للشؤون الدولية أليكسي بوشكوف أن «السلطات الجديدة في كييف هي من تدمر أوكرانيا كدولة موحدة، وذلك عبر تبرير العملية العسكرية في شرق البلاد وعمليات القتل الجماعي لمن لا يوافق على سياستها». وكتب بوشكوف، على صفحته في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، أول من أمس، «عبر تبريرها لعمليات الإحراق والعمليات العسكرية وعمليات قتل الروس في أوكرانيا، تقوم سلطات كييف بتدمير أسس وجود الدولة الموحدة».
من جانب آخر، أعلنت روسيا أمس في تقرير رسمي أن الأزمة الأوكرانية تهدد الاستقرار والسلام في أوروبا إذا لم يرد المجتمع الدولي بطريقة مناسبة على الانتهاكات «الكثيفة» لحقوق الإنسان في هذا البلد.
ووضعت وزارة الخارجية الروسية لائحة بانتهاكات «كثيفة» لحقوق الإنسان ترتكبها أوكرانيا بواسطة «القوات القومية المتطرفة والنازية الجديدة»، في «كتاب أبيض» نُشر أمس.
وتدعو الوزارة إلى ردّ دولي «دون تحيّز» تحت طائلة «عواقب مدمرة على السلام والاستقرار والتطور الديموقراطي في أوروبا».
من جهة اخرى، يتوجه مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الارهاب والاستخبارات المالية، ديفيد كوهن إلى المانيا وفرنسا وبريطانيا بين السادس والتاسع من أيار لمناقشة العقوبات ضد روسيا.
وذكر بيان لوزارة الخزانة الأميركية أن كوهن سيناقش قضايا تتعلق بالتمويل غير المشروع والعقوبات التي فرضت «رداً على سلوك روسيا غير القانوني في أوكرانيا».
وخلال الزيارة سيعمل كوهن مع الشركاء الاوروبيين الثلاثة لتطبيق العقوبات، بحسب الوزارة.
وأضاف البيان إن كوهين «سيشارك في التخطيط لاستخدام مجموعة من الادوات التي لدينا بما فيها توسيع العقوبات ضد كيانات في مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي في حال استمرت روسيا في سلوكها غير القانوني المزعزع للاستقرار».
في غضون ذلك، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، ضرورة عدم وجود ما يعيق إجراء الانتخابات الأوكرانية في موعدها في 25 أيار الجاري.
ونبه هولاند في مؤتمر صحفي مشتركمع رئيس الوزراء الياباني شينزو أبه الذي يزور فرنسا، روسيا أن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في الحوار.
من جهته اتهم أبه، روسيا بتصعيد التوتر في أوكرانيا، مؤكداً أهمية نجاح الانتخابات الأوكرانية، مضيفاً إن «الباب مفتوح أمام الحل السياسي».
بدوره، وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في حديث مع إذاعة «فرانس إنتر» إن في أوكرانيا «الهدف هو وقف التصعيد والإعداد لانتخابات 25 أيار». وأضاف «حين يكون هناك وضع ونريد الخروج منه ديموقراطياً، يجب إجراء انتخابات. وألفت إلى تناقض كبير لدى شركائنا الروس. فمن جهة يقولون إنه يجب عدم إجراء انتخابات في أوكرانيا، في حين أن ذلك هو المخرج عبر السلام، ومن جهة أخرى في سوريا حيث هناك حرب وهناك 150 ألف قتيل، يقولون إنه يجب التصويت لبشار الأسد في مطلع حزيران».
في السياق عرض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس التوسط لإنهاء الأزمة المتصاعدة في أوكرانيا، داعيا أطراف الأزمة إلى «حل هذه المشكلة بالطرق السلمية»
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)